أشرقت الشمس في الصباح ، وبدأت الطيور تغرد مثل كل يوم ، وأخذت الكتاكيت الصغيرة ، تلتقط الحبوب من الأرض ، وتجري هنا وهناك ، وعقب أن شبعت الكتاكيت ، وأنهكها الركض بأجنحتها الصغيرة الملونة ، رقدت جميعها تحت أشعة الشمس الدافئة ، بينما وقف الكتكوت الأبيض ، يتأمل الحيوانات في الحظيرة ، خاصة البقرة ، ويظل كل يوم ، ينظر إليها ويقارن حجمها وحجمه ، وبين جسمه وحجم رأسها! ويقول في نفسه كم أنا صغير جدًا .
لابد أن لتلك البقرة قدرات خاصة ، تجعلها تكبر حتى تصبح بهذا الحجم ، وقال لنفسه أمي دائمًا تقول أن من يأكل كثيرًا يكبر كثيرًا ، وعلى إثر تلك الأفكار ، انطلق الكتكوت الأبيض وبدأ في التهام الحبوب بشراهة غريبة ، فقد رأى فم البقرة الواسع والكبير ، وطريقتها وهي تلوك الطعام بداخله ، وظن أن الكثير من الطعام هو أمر مفيد .
ظل الكتكوت الأبيض يأكل من الحبوب حتى امتلأ بطنه ، وبدأ يلهث ويشعر أنه لم يعد قادرًا على التقاط أنفاسه ، وقال لقد أكلت كثيرًا ولكنني لن أصبح بحجم تلك البقرة ، فأنا ما التقط سوى بعض الحبوب ، وامتلأت بطني على الفور ، بينما تأكل البقرة كل يوم وطوال اليوم ، هنا شاهدته أمه وهو حزين ، ولا يستطيع أن يقف على قدميه ، فسألته لم ترقد هكذا؟ فسألها هل سوف أصبح بحجم تلك البقرة يا أمي ؟
فضحكت أمه وربتت بجناحها على ريشه الناعم ، وسألته ولم البقرة؟ فقال لها أن البقرة كبيرة الحجم ، وقوية أيضًا وعندما تصدر صوتها الهادر ، أشعر بالخوف الشديد ، فأجابته أمه أن الله قد خلقنا في أشكال وأحجام مختلفة ، وإذا كنا نحن أصغر حجمًا من البقرة ، فانظر إلى الفراشات والنمل وغيرهم ، فنحن أكبر منهم حجمًا .
وقد يروننا مثلما نرى نحن البقرة ، إلا أن الكتكوت الأبيض الصغير ، كان عنيدًا وأصر أنه يرغب في أن يصبح بحجم البقرة ، حتى وإن كان هو أكبر حجمًا من الفراش والنمل ، وفجأة آلمته معدته ، فقالت له أمه هذا جزاء ، تناولك الكثير من الحبوب وهي أكثر من طاقة معدتك ، ونصحته ألا يفعل ذلك مرة أخرى ، وأن ينام قليلاً حتى يستيقظ بحال أفضل .
نام الكتكوت الأبيض بالفعل ، وبدأ يحلم بأنه يسير في الحظيرة ، ورأى الكثير من البرسيم ، فأخذ يأكل منه ، حتى كبر حجمه وأخذ في التزايد ، ليصير بحجم البقرة ، ففرح الكتكوت الأبيض ، وانطلق نحو الحظيرة ، فاندهشت البقرة ومعها ثلاث بقرات أخريات ، ونظرن جميعهن إلى الكتكوت ، وسألته إحداهن من أنت؟ أجابها أنا بقرة ، فقالت له لا بل أنت كائن غريب ، صحيح انك تشبه الكتكوت ولكنك لست كذلك ، فأجابها الكتكوت غاضبًا لا أنا بقرة ، فقالت له البقرة أنت كاذب .
ونصحت أخرى هيا بنا نتصل بالشرطة ، لابد أنه حيوان غريب هارب من حديقة الحيوان ، واتفقت البقرات جميعهن على هذا الرأي ، فانطلق الكتكوت خائفًا ، وركض نحو العشة التي يوجد بها الدجاج ، وما أن رأوه آتيًا نحوهم ، حتى نظروا له في رعب ، وأخذوا يركضون في كل اتجاه ، ثم أغلقوا بابهم لأنهم لم يتعرفوا عليه ، وظنوا أنه وحشًا أسطوريًا ، وأغلقوا الباب خلفهم بإحكام ، فوقف الكتكوت وحيدًا ، وبدأ يبكي أن أهله لم يتقبلوه ، ولم ينجح في أن يصير مثل البقر ، وتمنى لو يعود كتكوتًا صغيرًا مرة أخرى .
استيقظ الكتكوت الأبيض ، من نومه فزعًا ، وأدرك أنه كان يحلم فقط ، فحمد الله وركض نحو أمه وقص عليها حلمه ، فاحتضنته بحنان وقالت له ، يجب أن نحمد الله دائمًا على كل شيء يا صغيري.