كان أدم بالمدرسة يراقب فيلمًا تلفزيونيًا عن العنكبوت ، حيث كانت أنثي العنكبوت تفرز مادة وتتحول تلك المادة إلى خيوط لامعة ودقيقة للغاية ، فتعجب أدم عندما سمع من يعلق على الفيلم ويقول : إن تلك المادة التي يفرزها العنكبوت تشتد وتقوى ، حيث يستخدم العنكبوت تلك الخيوط الحريرية لكي يمسك بفريسته .
وهو يبني تلك الخيوط بشكل مبدع ودقيق ويصنع منها شبكات حيث تتعثر بها الحشرات ومن ثم يأكلها ، وأيضًا تستخدم أنثى العنكبوت تلك المادة لكي تعزل بيوضها وتغلفها لكي تحميها ، كما يستخدم العنكبوت أيضًا تلك الخيوط لكي يتحرك ويقفز بها في الهواء ، فسبحان الخالق المبدع .
كان أدم يراقب بانتباه أنثى العنكبوت التي تبني شبكتها العجيبة من الخيوط التي تفرزها ، مثلما يبني المهندسون المباني بكل دقة وإتقان ، وتقوم أنثي العنكبوت باستخدام رجليها الخلفيتين وتحول هذه المادة إلى خيوط وتمسك بالخيوط الأخرى بأرجلها الأمامية لكي تجمع كل الخيوط ويكتمل بنائها الرائع .
ثم تقوم بعد ذلك بعمل خيوط متساوية وتغزل تلك الخيوط بشكل لولبي مستدير ، وهكذا تستمر تغزل خيوطها ذهابًا وإيابًا لكي تكون شكلها المميز ، وتبدأ بعد ذلك في مرحلة تقوية هذا البيت فتفرز مادة لزجة عليه بالنهاية ، ومن عجيب صنع الله أن تلك المادة اللزجة لا تستطيع أي حشرة الفرار منها فهي كمين محكم .
إنه أمر غريب كان أدم يتابعه وهو مندهش مما تفعله أنثى العنكبوت خاصة بعد أن أصبح هذا البيت جاهزًا تمامًا لكي تقع أي حشرة فريسة به ويأكلها العنكبوت ، وهنا بدأت أنثى العنكبوت بالاختباء ومع تحرك أي شيء بالبيت ، فإنها تتحرك بواسطة خيط يتصل بها فهي متصلة بكل أجزاء البيت .
يستمر أدم في متابعة هذا الفيلم الشيق عن بيت العنكبوت ، حيث تلتصق ذبابة بخيوط بيت العنكبوت فتحرك الخيوط فتسرع الأنثى نحو تلك الذبابة ، وتلدغها في جسدها بمادة سامة وتلك المادة تشل حركتها تمامًا ، والعجيب أنها تقوم بتغليفها بخيوط حريرية إلى أن تقوم بالتغذي عليها في الوقت المناسب لذلك .
فسبحان من ألهم أنثى العنكبوت لتفعل هذا ، عندما عاد أدم إلى المنزل أخذ يحكي لوالده ما رأه من عجيب صنع العنكبوت ، فقال له والده : أن الله سبحانه وتعالى أنزل في القرآن سورة كاملة باسم العنكبوت ذكر فيها بيت العنكبوت وما يفعله حين قال تعالى : (وَإنَّ أَوْهَنَ البُيُوتِ لَبَيْتُ العَنكَبُوتِ صدق الله العظيم (( سورة العنكبوت ، الآية 41) .
وبعدها استطرد والده حديثه قائلًا : لقد قام علماء هذا العصر الحديث بدراسة بيوت العنكبوت ، فتوصلوا إلى أن تلك الخيوط لو تجمعت مع بعضها ستكون أقوى من الفولاذ ، أما عن هذا الوهن الذي ذكره الله سبحانه وتعالى في الآية السابقة أتدري من أين ؟ قال أدم بشغف : من أين يا أبي ؟
فقال الأب : إن ذكر العنكبوت بعد أن يلقح الأنثى تقوم بقتله والتغذي عليه طوال فترة حملها ، وحتى بعد أن يفقس هذا البيض يتغذى القوى منهم على الضعيف ، والعجيب بعد أن يقوى الصغار يقومون بالتغذي على أمهم ، وبهذا يكون هذا البيت هو أضعف البيوت وأهونها .
ويقصد بذلك ضعف الترابط الأسرى بين أسرة بيت العنكبوت بداية من قتل الأم للأب ثم قتل الأخوة لبعضهم نهايةً بقتلهم للأم حتى تستمر دورة الحياة ، تعجب أدم كثيرًا من تلك القصة وشكر والده على توضيحها له ، وقبل أن يخلد للنوم طلب منه أن يحكي له قصة عن حياة النمل في الغد .