كان العم جميل يملك بستان نضر جميل تغرد فيه العصافير وتلهو بين الأغصان ويطير فيه النحل بين الأزهار وكان يجري في البستان ينبوع يروي أشجار اللوز والتفاح والخوخ والتين والزيتون وشجرة صغيرة أسمها رمان كانت رمان شجرة صغيرة ومدللة في البستان يلاعب الهواء أغصانها اليانعة وتروي مياة الينبوع العذبة جذورها ومع حلول فصل الربيع لبست رمان حلة خضراء ولكنها لم تحمل زهرًا ولا ثمر كغيريها من الأشجار لأنها مازالت صغيرة .
حزنت رمان حزنًا شديدًا وقالت لنفسها لماذا تحمل جميع الأشجار هذا الظهر الجميل ، بينما أنا لا أملك ذلك وأخذت تبكي وراحت دموعها تتساقط على وجه الينبوع النائم تحت الأشجار ، أيقظت دموع رمان الينبوع عندما أخبرته بأمنيتها فحن قلبه وقال لها لا تحزني يا عزيزتي سيكون لك في الحال أجمل الأشجار .
ومد الينبوع يديه إلى مياهه السحرية وغرف بكفيه حفنة ماءً ونثرها على رمان الصغيرة ، فلبست في الحال حلة أرجوانية من زهر الرمان ، ففرحت رمان وأخذت تتباهى بأزهارها بين أشجار البستان ، وبعد الذي كان وما كان وأزهرت رمان ومر الزمان وأزهرت أشجار البستان ، حزنت رمان مرة أخرى وشكت للينبوع بحزن عن رغبتها بأن يصير زهرها ثمر كباقي الأشجار وطلبت تاج يكلل ثمرها لتصبح ملكة الأشجار .
استجاب الينبوع السحري لطلب الصغيرة الرمان وحول زهرها إلى ثمار ، ونادى الينبوع عصافير البستان وطلب منها أن تجمع نجوم من السماء ، لكي تصنع منها تاجًا لرومان ، لبت العصافير طلب الينبوع وصار لرومان تاجُ فوق رأس كل الثمار .
فرحت رومان بتاجها وقالت للينبوع أنا ملكة هذا البستان وكل ما في ملكي لذا أمرك أن تحول كل الأشجار في البستان لأشجار رمان فقال الينبوع بحزن يا صغيرتي جميع هذه الأشجار تحبك وتظللك بأغصانها وأوراقها وتداعبك بجذورها وتعطي ثمر وبهجة للناظرين ولكنها لم تصغي لكلام الينبوع وأصرت على أن ينفذ أمرها .
فخضع الينبوع لها وصار البستان كله رمان وعندما استيقظت رمان من نومها في صباح اليوم التالي نظرت لكل الأشجار في البستان ورأت أن جميعها مثلها تمامًا ، تحمل ثمر وأوراق الرمان فلم تعد تشعر رمان بأنها الأجمل ولم تعد تستطيع أن تتباهى بشيء ، حزنت رمان وشعرت بالوحدة وتذكرت أشجار البستان شجرة البرتقال دائمة الخضرة وشجرة التين التي تظلل البستان في الصيف الحار وتحمل أشهى الثمر ، شجرتي اللوز فتدخل البهجة في قلبها .
وفي كل البستان تذكرت الياسمين الذي يتدلى والعصافير التي لم تعد تسمع غنائها فشعر رمان بالملل والحزن الكبير ، وراحت تبكي ويتساقط دموعها على وجه الينبوع ، شعر الينبوع السحري بدموعها الحارة وسألها لماذا أنت حزينة الصغيرة وقال رومان إني نادمة على كل ما حدث وأرجوك أن تعيد البستان إلى سابق عهده ، ففرح الينبوع كثيرًا عندما سمع هذا الكلام ولبى طلبها في الحال ..