يُحكى أن في أحد الأزمان القديمة ، انطلق الأمير الذي يدعى شهرمان ، متفقدًا أحوال رعيته في القرية الصغيرة ، وإلى جواره وزيره نعمان ، وأثناء انطلاقهما في القرية ، رأى الأمير شهرمان عجوزًا محني الظهر وأبيض الشعر ، يقف داخل أرض زراعية صغيرة ، يزرع بها شجيرة زيتون ، وما أن رأى الأمير شهرمان حتى ابتسم له .
في ود بالغ فبادله الأمير نفس الابتسامة ، ثم استدار لوزيره يسأله عن أمر هذا العجوز ، عندما وجد إحدى ساقيه مغروسة داخل الطين ، وهو يزرع شجيرة الزيتون التي لن تنضج ، أو تطرح ثمارها سوى بعد مرور خمسة أعوام على الأقل ، هنا سمعه العجوز وهو يستكمل ما بدأه ، ففرد ظهره المحني ، وقال له اسمح لي يا مولاي أن أتدخل في حديثك ، وأوضح لك أمرًا ما ، وقال له لقد زرع لنا من سبقونا ونحن أكلنا ، ولولا ما زرعوه ما كنا أكلنا نحن ، واليوم نحن نزرع لأحفادنا ، حتى يحصدوا ما زرعناه نحن .
عقب أن أنهى العجوز حديثه عاد إلى عمله ليباشر ما بدأه ، ثم حمل دلوه ليملأه من النهر القريب ، حتى يسقي شجيرة الزيتون ، ولكن أثناء نزوله إلى النهر ، انزلقت قدمه عنه ، وسقط دلوه ، ولكن تشبث به العجوز حمدان ، وملأه ثم عاد به إلى الشجيرة التي زرعها ، فسقاها فتعجب الأمير من إصراره على استكمل ، ما بدأ بزراعته ، وأمر له بالحصول على ألف دينار ، فتهلل حمدان العجوز فرحًا عندما علم بهذا الأمر ، وحمد الله وشكره قائلاً ، الحمد لله الذي جعلنا نزرع ونحصد في نفس اليوم .
هذا الموقف من العجوز لا يتبناه الجميع للأسف حتى الطيور ، فإذا كان العجوز قد زرع حتى يحصد غيره من هذا الخير ، إلا أن البعض يريدون أن يظلوا نائمين وتأتيهم بطعامهم حيث ناموا ، والعصفور الصغير كان كذلك فبعد أن كبر قليلاً حاولت أمه أنه تعلمه كيفية الطيران ، حتى يستطيع أن يأتي بطعامه لنفسه ، ولكن أبى العصفور أن يساعد نفسه ، وفضل النوم على العمل والشقاء .
وقال لنفسه بالتأكيد لن تتركني أمي ، دون طعام كما كانت تفعل من قبل ، ونام العصفور ملء عينيه ، ولم توقظه سوى أشعة الشمس الحارقة ، حتى استيقظ العصفور وصاح غاضبًا بها ، ابتعدي عني أيتها الشمس اللعينة ، ماذا تريدين مني ، أنا لن أطير بحثًا عن الطعام ، فأنا أحب النوم طوال اليوم واللهو مع الفراشات فقط .
أما أن أطير بحثًا عن الطعام ، فلا تفعلين هذا تبًا لك ، هنا غضبت الشمس أكثر وأرسلت عليه أشعتها الحارقة ، فأراد العصفور الصغير الغاضب أن يمد جناحه ليضرب به الشمس ، إلا أنه سقط أرضًا فهو غير معتاد على الطيران ، كما كانت أمه تحاول أنه تعلمه ، وفجأة عندما أراد أن ينهض ، لمح قطة جائعة تنظر إليه ، وقد أتت إليه تريد أن تلتهمه .
حاول العصفور أن يستغيث بأمه وإخوته ولكنهم للأسف ، فارقوا المكان بحثًا عن الطعام ، ومع اقتراب خطوات القطة ، فبدأ قلب العصفور بالخفقان وارتفع عن الأرض قليلاً ، ثم حاول ثانية وارتفع أكثر ، حتى استطاع الطيران والإفلات من القطة ، وهنا أدرك خطأه وطار بحثًا عن أمه وأشقائه .