ألقى رجل شبكته في النهر فاصطاد كمية من السمك ، خلال ذلك جاء غراب أسود ، وجثم إلى جانبه وبدا جائعًا إلى حد يثير الشفقة .
الغراب والصياد الطيب :
لذلك غسل الصياد سمكة ورماها إليه ، وأكل الغراب السمكة بشهية ، بعد ذلك عاد ثانية ، وعلى الرغم من أنه غراب فقد تكلم كأنه من البشر : أنا ممتن لأنك وهبتني سمكة أتغذى منها ، يا ليتك تأتي معي إلى أبي الهرم ، لأنه يريد أن يشكرك .
الصياد الطيب في بيت الغراب :
ذهب الرجل مع الغرب ، ولأنه غراب فقد طار في الهواء ، وتبعه الرجل على قدميه ، وبعدما سارا طويلاً ، وصلا إلى بيت كبير ، وهناك دخل الغراب إلى البيت ، وتبعه الرجل ، وحين نظر إليه بدا في هيئة إنسان ، على الرغم من أنه غراب ، وكان هناك أيضًا شيخ وامرأة عجوز إلى جانب فتاة … كانت الفتاة هي التي قادت الرجل إلى البيت ، وتكلم الشيخ قائلاً هكذا : أنا ممتن لك لأنك غذيت ابنتي بتلك السمكة الطيبة ، فقد أتيت بك إلى هنا لكي أكافئك .
المكافأة :
ثم كان هناك جرو من الذهب ، وجرو من الفضة ، كلا هذين الجروان أهديا للرجل ، وتكلم الشيخ وقال : على الرغم من أنني يجب أن أعطيك كنوزًا ، فلن ينفعك ذلك ، لكنني سأعطيك هذين الجروين ، ولسوف تنتفع بهما كثيرًا ، فهذان الجروان يخرج الذهبي منهما ذهبًا ، ويخرج الفضي منها فضةً ، ونتيجة لذلك ستثري كثيرًا ، لو بعت ما يخرج منهما إلى علية القوم ، هل تفهم ذلك ؟
العودة والثراء :
وبعد ذلك ذهب الرجل بعد أن ألقى تحية الاحترام الشديد للشيخ ، حاملاً معه الجروين وعاد إلى منزله ، وهناك قدم في الحال القليل من الطعام إلى الجروين ، وحين أخرج الجرو الذهبي ذهبًا ، وأخرج الجرو الفضي فضة ، أصاب الرجل ثروة طائلة من بيع المعدن .
صياد آخر وغراب أسود :
في ذلك الوقت ، جاء رجل آخر يقلد الرجل الأول ، ألقى بشبكة الصيد في النهر ، فصاد كمية من السمك ، وعند ذاك جاء غراب أسود ، فلطخ الرجل سمكه بالطين ورماها إليه ، أخذ الغراب السمكة وطار بعيدًا ، وتبعه الرجل ، وفي الأخير وبعد طريق طويل وصلا إلى بيت كبير !
مكافأة رغم الغضب :
دخل الرجل إلى المنزل ، فتكلم الشيخ وقال : أنت أيها الرجل قلبك أسود ، حين وهبت ابنتي سمكة ، وهبتها لها ملطخة بالطين ، وأنا غاضب جدًا ، ورغم ذلك فسأهديك جروين مادمت جئت إلى منزلي ، لو أنك عاملتها بلطف ، فلسوف تستفيد ، هكذا قال الشيخ وأعطى الرجل جروًا ذهبيًا وآخر فضيًا ، وانحنى الرجل شاكرًا وعاد بهما إلى بيته .
الطمع :
وفكر الرجل وقال في نفسه : لو أنني أطعمت الجروين مزيدًا من الطعام ، فسوف يخرجان لي الكثير من المعدن النفيس ، فمن الحماقة أن يخرجا لي القليل في كل مرة ، هذا ما سأفعله وسأغدو ثريًا جداً.
جروين ومعدن نفيس وقذارة :
وإذ فكر هكذا ، أعطى الجروين المزيد من الطعام ومن كل شيء ، حتى من الأشياء القذرة ، فلم يخرجا له سوى القذارة التي ملأت بيته ، أما الرجل الأول فلم يكن يطعم الجروين سوى القليل من الطعام الطيب في كل مرة ، وتدريجيًا كانا يخرجان له المعدن النفيس الثمين ، الذي أصابه بثروة طائلة .
الواهب الطيب والواهب الحاقد :
لذلك ففي الأزمنة القديمة ، فيما يخص الرجال الذين يصيبهم الغنى ، كان يمكنهم ذلك لو أن قلوبهم كانت طيبة قدر الإمكان ، أما ذوو القلوب الحقودة ، فإن الآلهة تغضب من أعمالهم المشينة ، فتغضب منهم ولذلك حتى الجراء الذهبية تخرج لهم القذارة ، تلك هي الحكاية وروايتها .