في أحد الأيام الجميلة المشرقة وبعد أن أرخت أشعة الشمس أشعتها على وجه اليمامة ، توجهت اليمامة بالحديث إلى زوجها ، وأخبرته أنها ترغب في مغادرة هذا المكان ، الذي بنيا فيه عشهما ، فهما منذ أعوام خلت لم يغادرا تلك القرية التي عيشان فيها ، ولم يشاهدا سوى حيواناتها ومزارعيها وبيوتهم ، حيث يبنيان عشيهما كل عام ، فوق النخيل الواقع بالقرية نفسها ، ولم يتغير المكان قط .

أجابها زوجها الطيب ، وقال لها ضاحكًا أيتها اليمامة الجميلة ، ألا يرضيك شيء أبدًا ، لقد مكثنا هنا منذ أعوام خلت ، نظرًا لما يتوفر لنا من طعام ، ونستطيع الحصول عليه في أي وقت ، حتى أن من يعرفوننا يحسدوننا ، على ما نحن فيه من نعم .

في مساء ذلك اليوم ، شاهدت اليمامة بعض عربات ، غريبة الهيئة فتتبعتها قليلاً ، لتكتشف أنها عربات سيرك قد أتت إلى القرية ، لتقديم بعض العروض المسلية ، وقد أتوا بحيواناتهم التي تقدم فقراتها ، للكبار والصغار .

هنا طارت اليمامة وأخذت تنظر إليهم بفرح شديد ، حتى جذب نظرها ونال إعجابها عربة صفراء اللون ، ومطلية بلون أخضر أيضًا ، وإلى جوار هذه العربة جلست سيدة ، سمراء البشرة وأخذت تقرأ الطالع لكل شخص ، يمر عليها وتحدثهم عن مستقبلهم ، وكان كل من بالعربة والسيرك ينادونها بزهرة ، وفجأة لمحت اليمامة نموذجًا خشبيًا لأسد ، كان مسئولون العربات قد وضعوه أعلى إحداها ، وهنا فكرت اليمامة أنها يمكنها أن تضع عشها ، هي وزوجها فوق هذا النموذج ، ويتمكنا من العيش فيه لفترة من الوقت .

انطلقت اليمامة لتخبر زوجها بما رأته ، فاندهش جدًا مما روته له ، ولكنه أبدى إعجابه بفكرتها في مصاحبة العربة المتنقلة ، وفي الحال بدأت اليمامة وزوجها في التعاون سويًا ، وجمع عيدان القمح والأوراق الجافة ، التي تساعدهما لإقامة العش الجديد ، بجوار نموذج الأسد الخشبي ، دون أن تلحظهما السيدة زهرة قارئة الطالع ، فقد كانت مشغولة بعملها ، وبأهل القرية وشبابها الذين أتوا ، لرؤية العروض التي يقدمها هؤلاء الضيوف الجدد .

نجحت عروض السيرك ، وأخذ جميع من بالقرية يتحدثون إلى المسئولين عن تلك العروض ، حتى أنهم قد أقاموا بالقرية بضعة أسابيع ، كانت اليمامة قد أقامت فيهم عشها برفقة زوجها ، ووضعت بيضها وفقس لتخرج أفراخ اليمام الصغيرة إلى النور ، ثم بدأت العربات في التحرك للانتقال إلى قرية أخرى ، وهكذا أصبح في قدرة عائلة اليمام ، أن يتنقلوا برفقة العربة الملونة ، ومشاهدة السيرك في العديد من المدن والقرى المختلفة ، وحققت اليمامة رغبتها في الانتقال ومشاهدة العالم من حولها .

سعدت أسرة اليمام بالجولات التي انطلقوا بها ، وكانت السيدة زهرة تفتح نافذة العربة ، كل يوم في الصباح الباكر حتى تسمع تغريد اليمام وهديله ، وتطعمهم جميعًا بفتات الخبز وتشاهد اليمام الكبير وهو يطعم صغيراه ، بينما كانت تشاهدهم الطيور الأخرى ، أثناء جولاتهم ويعدونهم من المحظوظين ، فكانت اليمامة سعيدة للغاية ، لأنها حققت ما أرادت بفضل الله عليها ، وجعلها تفكر بتلك الطريقة وتستفد مما شاهدته من عربات نالت إعجابها .

By Lars