يروي الأسد قصته ، ويقول أنا ملك الغابة القوي ، الذي يطيعني الجميع ، فالكلمة الأولى والأخيرة لي ، وأستطيع أن أسيطر على زمام الأمور ، فلا قوي يهضم حق ضعيف أو يعتدي أحد الحيوانات على آخر بدون وجه حق ، ورفيقي الكلب يرافقني في جولاتي فأذهب برفقته لأتطلع على أحوال حيوانات الغابة وأطمئن أنهم جميعًا بخير وأن الأمور تسير على ما يرام .
وليس هذا في الغابة فحسب ، وإنما أطمئن على أصدقائنا في مياه النهر المجاور لنا ، فهناك يعيش إخطبوط مرح وخفيف الظل ، برفقة سمكة صغيرة من أذكى ، حيوانات الغابة ، ويستكمل الأسد قصته ، فيقول كنت في أحد الأيام أتفقد الغابة ، برفقة صديقي الكلب كعادتي ، فذهبنا إلى البحيرة الصغيرة لنشرب منها لشدة عطشنا وقمنا بإلقاء التحية على صديقينا السمكة والإخطبوط وهما يلعبان فبادلانا التحية .
ثم انصرفنا وسرنا قليلاً حتى قال لي الكلب وهو يرفع أذنيه اسمع إنه صوت صراخ ، ولكنني لم أسمع شيئًا واستكملنا السير ، فقال الكلب مرة أخرى إنه صراخ بالفعل ، وهذه المرة كنت قد سمعت الصوت ، وحددنا سويًا من أين يأتي الصوت ، وذهبنا نتفقد ما الذي يحدث .
يقول الأسد اصطحبت رفيقي الكلب واجتهدنا بالسير حتى وصلنا إلى مصدر الصوت ، فوجدنا حيوانات الغابة مجتمعة في منطقة ما ، فتساءلت عما يحدث فأجابني صديقي النمر بأن الأرانب قد اجتمعت وتريد أن تخرج كل الحيوانات من الغابة ، ولا ندري ما نفعل معهم ، وأنهم قد أعدوا أنفسهم للقتال ، ويرغبون في تنفيذ مطلبهم الآن ، فاقترب الأسد ليجد الأرانب تصرخ بشدة ، هيا اخرجوا من الغابة جميعًا .
هنا تدخل الأسد بغضب وزأر بصوته العالي فسكتت كل الحيوانات ، وأفسحوا له الطريق ، فتقدم إلى الأرانب وسألهم عما ألم بهم وجعلهم يطلبون من إخوانهم الرحيل ، فتقدم أحد الأرانب منه ، وقال له لقد حاصرنا الثعلب الماكر ، وأتى إلينا كل يوم يهددنا ، أننا لابد أن نقدم أرنبًا لملك الغابة كقربان له وإلا سوف يلتهمنا جميعًا ، وقد طفح الكيل من طلبه ، وبات الأمر سيئًا لأقصى درجة ، ولا نجد من يحمينا .
فقال الأسد أحضروا لي الثعلب الماكر ، فأجابه أحدهم أنه مختفٍ منذ فترة ولا يعرفون طريقه ، فقال الأسد حسنًا اذهبوا إلى جحوركم واتركوا لي هذا الأمر ، فانصاعت الأرانب المسكينة لأوامري ، وطلبت من كافة حيوانات الغابة أن يبحثوا عن الثعلب ، ويحضروه لي ، فبحثت الحيوانات كلها أسبوعًا كاملاً ولكن لم يجده أحد .
ويقول الأسد وأخيرًا ، وبينما كنت راقدًا أسفل إحدى الشجيرات ، أتاني صديقي الكلب يلهث ، من شدة الركض وهو يخبرني ، أنه قد وجد الثعلب الماكر عند البحيرة ، يشرب من مائها ، فنهض الأسد وذهب إلى البحيرة ، فوجد الثعلب يقف برفقة الإخطبوط والسمكة ، ويقنعهما أنه بريء ويرغب في أن تقف كل الحيوانات بصفه .
حتى يعف عنه الأسد ، ولكنه كان يخطط لصداقة الإخطبوط ، والسمكة حتى يأكلهما ، لأنه كان مختبئًا لمدة أسبوع كامل ، لم يذق فيه الطعام وكان يرغب ، في تناولهما كوجبة دسمة ، إلا أن الأسد هاجمه وانقض عليه ، وسحبه حتى منتصف الغابة ، حيث وقفت الحيوانات تنتظر عقاب الثعلب ، في البداية أنكر الثعلب ما حدث ، ولكن أمام نظرات الأسد التي لا تخطيء ، اعترف الثعلب بذنبه وطلب المغفرة ، فاستشار الأسد الكلب وباقي الحيوانات ، وقرر أن يطرد الثعلب إلى خارج الغابة بلا رجعة حتى يعيش الجميع في أمان .