كان الملك أكبر هو سيد ملوك الزمان القديم في بلاد الهند والسند ، وكان يعرف بحكمته وقوته في تيسير أمور البلاد ، وذلك لأنه كان يحظى بوزير حكيم يدعى بيربال ، ولكن بسبب تدخل الحاقدين حدث سوء تفاهم بين الملك ووزيره ، فغضب الملك أكبر على الوزير بيربال وطرده من قصره الكبير .

فانصاع الحكيم بيربال لأمر ملك الملوك وغادر القصر وهو حزين بعد أن قدم استقالته ، وبعد فترة من الجلوس والتفكير قرر الحكيم أن ينسى ما مضى من شأنٍ وجاه ، وقرر أن ينغمس وسط العامة ويعيش في قرية من القرى دون أن يعلن عن هويته .

وبالفعل ذهب بيربال إلى قرية بعيدة من قرى المملكة وعمل بها كمزارع تحت اسم مستعار ، ومع مرور الوقت بدأت تقابل الملك أكبر مشكلات كثيرة ، شعر معها بمدى حاجته لحكمة الوزير بيربال الذي كان ينصحه دائمًا بكل ما خير للمملكة .

فقرر إعادته إلى منصبه ثانية ً كوزيرًا مخلصًا له ، ولكنه حينما أرسل الجنود لإعادته لم يستدلوا له على أثر ، فبحثوا بكل مكان في المملكة ولكن دون جدوى ، وهنا علم الملك أكبر بأمر اختفاء وزيره الحكيم بيربال ، فقال في نفسه : حكيم كوزيري بيربال يستطيع أن يختفي بسهولة ولا يعثر عليه أحد بسهولة .

لذا ليس هناك من حل لإيجاده سوى الحكمة ، ففكر الملك طويلاً وبعد فترة توصل لخدعة يستطيع بها إيجاد الحكيم ، حيث أرسل أكبر سفينة لديه لتجوب أنحاء البلاد مع فرمان ملكي يصل لكل قرية في المملكة .

كان الأمر الملكي يقضي بأن على كل قرية أن ترسل قدرًا مليء بالذكاء لملك البلاد ، وإذا لم تستطيع أي قرية أن تفعل ذلك عليها أنها ترسل القدر مملوءًا بالماس والمجوهرات ، وبالفعل وصل الأمر إلى كل قرى المملكة حتى القرية التي كان يعيش فيها بيربال ، فأخذ الناس يفكرون في حل لطلب الملك الغريب ، كيف يضعون الذكاء في القدر وما الهدف من هذا الطلب العجيب ؟

ولما لم يستطيع أهل المملكة حل ذلك اللغز ، أخذوا يبحثون في بيوتهم عن الجواهر التي يستطيعون بها ملء القدر وإرساله ، وكان من بين تلك الجموع يقف الحكيم بيربال وهو يستمع لأفكار الناس ومحاولاتهم لتنفيذ الأمر الملكي .

فتقدم في هدوءٍ وقال لهم : رجاءًا أعطوني الوعاء وسأملئه لكم بالذكاء ، فوجئ جميع الوقوف من كلام هذا المزارع الذي وفد حديثًا على قريتهم ، ولكنهم لم يكن بيدهم حل أخر كما أنهم كانوا يثقون به ويحترمونه .

وما هي لحظات حتى مد رئيس القرية يده بالوعاء إلى بيربال ، فأخذه وانصرف عائدًا إلى مزرعته وهناك أخذ يبحث عن بعض البطيخ الصغير حتى وجده ، ثم بعد ذلك وضعه الوعاء دون أن يقطعه من جذوره ، وبعد أيام قليلة نما البطيخ وترعرع حتى صار حجمه في حجم الوعاء الذي يوجد به ، فصار من المستحيل إخراجه دون كسر الوعاء وقطعه من الجذور .

وهنا قرر بيربال الحكيم إرسال الوعاء إلى الملك ، فأخبر الجنود أن الوعاء قد أصبح جاهزًا وأعطاه لهم ، مع رسالة للملك قال فيها : الرجاء إزالة النبتة من الوعاء دون قطعها أو كسر الوعاء !!

وبمجرد أن رأى الملك تلك الرسالة علم أن هذه الفكرة لا يمكن أن تخرج سوى من عقل حكيم كبيربال ، وعلى الفور استفسر عن القرية التي جاء منها الوعاء ، ثم ذهب بنفسه ليحضر وزيره الحكيم ويعيده معه إلى القصر .

القصة من الأدب الهندي
مترجمة عن : Akbar’s Order

By Lars