كل واحد منا لديه عيوب فريدة من نوعها ، ولكن في هذا العالم لا شيء يذهب للنفايات ، فقد تعتقد أنك عديم الفائدة ولكن بطريقة ما ، هذه العيوب التي تملكها يمكن أن تتحول إلى نعمة لا تتخيلها كما حدث في قصة الوعاء المثقوب .
في إحدى القرى الهندية كان هناك حامل مياه يدعى ماهيندار ، كان لديه اثنين من الأواني الكبيرة ، التي يسير بها معلقة على كتفيه بالطريق ، كان واحدًا منهما مثقوب من الأعلى ، وكانت المياه تتساقط منه على طول الطريق ، وحينما كان يصل إلى المنزل كان يجد بالوعاء المثقوب نصف الماء فقط .
أما الوعاء السليم فكان دائمًا مليء بالماء بالكامل ، وكان حامل المياه يستخدم نفس الأواني لمدة سنتين دون تغيير ، الأمر الذي جعل الوعاء السليم سعيدًا وفخورًا بنفسه ، لأنه يحافظ على المياه بداخله على عكس الوعاء المتصدع ، الذي كان حزينًا خجولاً من أنه لا يستطيع توصيل المياه بشكل كامل كل يوم لأنه تسقط من خلال الثقب الموجود به .
وفي إحدى الأيام قال الوعاء المثقوب لحامل المياه : أنا أسف أريد أن اعتذر منك ؟ فقال له حامل المياه لماذا تود الاعتذار وعن أي شيء تعتذر ؟ فقال له الوعاء الحزين : لأنك بسببي لا تحصل على القيمة الكاملة لعملك ، فرغم أنك تعمل بجد وتملأ الماء وتمشي به مسافات طويلة لسقي الناس ، إلا أنك لا تحصل سوى على نصف المياه التي تملأها فقط ، والنصف الأخر يسقط في الطريق بسببي .
بعد أن استمع ماهيندار إلى الوعاء المثقوب ، ولا حظ شعوره بالأسف علي سقوط المياه منه ، ابتسم له في تودد ورد عليه قائلاً : أريد منك أولاً أن تلاحظ الزهور الجميلة المنتشرة على طول الطريق ، وبالفعل حينما خرج ماهيندار لملئ المياه مرة ثانية ، لاحظ الوعاء في طريق العودة أن هناك زهورٌ جميلةٌ جدًا تنتشر على الجانب المجاور للوعاء في طريق العودة إلى المنزل .
وعندما وصل حامل المياه إلى المنزل أنزل الإناءين ، وأكمل حديثه مع الوعاء المثقوب ، وقال له :هل لاحظت أثناء عودتنا أن هناك زهور على الجانب الخاص بك من الطريق ، وليس على الجانب الأخر حيث الوعاء السليم ، فقال الوعاء في اهتمام : نعم لاحظت ذلك .
فقال حامل الماء ماهيندار : لقد عرفت من البداية عن هذا الثقب الموجود بك ، حيث كانت تسقط المياه دائمًا منك ، لذا زرعت بذور زهور على طول الطريق الخاص بك حتى لا تسقط دون فائدة ، ولمدة سنتين كنت أحملك على كتفي ، لتروي تلك الزهور دون أن تقصد ، لا تأسف علي عيب فيك أبدًا فربما فعلت ما لا يستطيع الكثيرون أن يقوموا به .
فهناك العديد من الصفات التي قد نعتبرها نقص في الإنسان ، ولكن يتضح أنها نعمة كبيرة من الله مثل النسيان ، فالحكمة منه كبيرة وعظيمة قد نعلمها وقد لا يتسنى لنا ذلك ، فلولاه ما انتهت للإنسان حسرة أو انتهي وجع أو تخطى مصيبة ، ولا حتى نسي حقدًا حمله في صدره لأحد .
ولا استطاع أن يتمتع بشيء من متاع الدنيا مع تذكر كل تلك المصائب التي تنغص عليه حياته وتذكره بكل آلامها وأحزانها ، لذلك النسيان نعمه لأنه يساعد الإنسان في التغلب على مصاعب الحياة ، والاختلاف سنة الله في الكون ، إن الناس متنوعين في الطبائع والصفات لذا علينا أن نؤمن بالتنوع وأن ما نراه عيبًا قد يكون فائدة والعكس .