إذا كان التعاون هو أساس العلاقات السوية بيننا ، فلابد لنا أن نقسم العمل فيما بيننا بروية وذكاء ، حتى نستطيع جميعًا أن نصل لأهدافنا ، فالعمل الشاق المتواصل لن يأخذننا إلى النتائج الجيدة وحده ، وإنما يجب أن نقسمه وفقًا لمهاراتنا المختلفة ، فليس جميعنا يملك نفس المهارة ، ولهذا نرى بعضنا برع في أمر ما وغيرنا برع في آخر ، وبهذا نتكامل معًا ونكون يدًا واحدة .
اتفق بعض الأصدقاء في الغابة وهم أربعة ، الأرنب والبطة والدب والقندس ، على بناء كوخ لهم ليعيشوا فيه معًا ، بدلاً من منزل مستقل لكل واحد منهم ، فقاموا بتوزيع مهام هذا العمل فيما بينهم ، بكل سرور وتم تكليف الدب بوضع القش فوق المنزل ، بينما طلبوا من الأرنب أن يصنع الطوب من الطين ، الذي تقذفه بركة المياه في الغابة ، وسوف تكون مهمة البطة أن تقطع لهم ما يكفي من الأخشاب ، في حين تولى القندس مسئولية حفر أساس المنزل .
انطلق الأصدقاء الأربعة ينفذون ما نووا البدء فيه ، وبالفعل قام كل منهم بأداء مهامه حتى يستطيع مساعدة أصدقائه ، في البداية سار العمل بشكل جيد ، ولكن سرعان ما تباطأ وأصبح العمل شاقًا جدًا عليهم جميعًا ، ولم يستطيعوا سوى بناء جانب صغير جدًا من المنزل ، مما أصابهم جميعًا بالإحباط عقب أيام قليلة من بدء العمل ، فجلسوا جميعًا وهم يحملون الهموم بشأن منزلهم غير المنتهي .
مرت السلحفاة الجدة بالأصدقاء ، لتجد الحزن قد خيم عليهم وبدا على وجوههم الإحباط الشديد ، فسألتهم عما ألمّ بهم ، فأخبروها بما حدث وكيف توقف مشروع بناء المنزل ، فابتسمت السلحفاة ودعتهم لتناول الغداء بمنزلها .
ذهب الأصدقاء جميعهم إلى منزل السلحفاة العجوز ، وجلسوا لتناول الغداء الذي أحضرته لهم ، فوجدوها قد وضعت للدب بعض الجزر الطري ، وقدمت للبطة لحمًت شهيًا ، ووضعت للقندس بعض الحبوب ، وقدمت للأرنب بعض الغصين ، فنظروا جميعًا لبعضهم البعض بدهشة ، وقال لها القندس أيتها الجدة الطيبة ، نحن لا نأكل هذا الطعام ، فسألته الجدة بابتسامة كيف هذا ؟ أخبرها القندس أنه من المفترض أن يأكل الأرنب جزرًا ، وتأكل البطة الحبوب الشهية ، ويتناول الدب هذا اللحم الطيب ، في حين أتناول أنا هذا الغصين الطيب .
ابتسمت السلحفاة الجدة كثيرًا ، وقالت له أنت ذكي أيها القندس الصغير ، وأعتقد أن هذا التوزيع الخاطئ للطعام يشبه ما فعلتموه أنتم عندما نويتم بناء المنزل ، فسألها الأرنب كيف هذا أيتها الجدة الطيب ؟ فقالت له السلحفاة كان يجب أن يصنع الدب الطوب ، بقوته من طين البركة حيث يعمل بها بشكل أسرع ، في حين يحفر الأرنب أساس المنزل بأظافره بسرعة أكبر من غيره .
في حين يستخدم القندس أسنانه الحادة لتقطيع الخشب بسرعة ، وتقوم البطة برشاقتها بتغطية سقف المنزل بالقش ، تهلل وجه الأصدقاء فرحًا بهذا الحل الجميل ، وشكروا السلحفاة الحكيمة عما أخبرتهم به ، فهكذا بالفعل يستطيعون بناء المنزل بسرعة وسهولة أكبر .