كان الصيف شديد الحر وقد تعرت الحقول من خضرتها وهاجرت الطيور والحيوانات من الأرض السهلة إلى الجبال وارتفعت إلى الغابات ، وظلت الضفدعتين حائرتين بعد أن جفت المستنقعات ، وانقطع الماء عن القنوات الصغيرة ، كانت الضفدعة الكبيرة مجربة أما الصغيرة فقد كانت قليلة التجربة ، فأخذت الصغيرة تندفع وراء كل ما تظنه ماءًا فقفزت طويلا وجرت كثيرًا .
وفي نهاية الشوط وجدت بئرًا فيه قليل من الماء فهمت أن تلقي بنفسها فيها ، ولكنها قبل أن تفعل قالت في نفسها سوف أرجع لصديقتي وأتي بها إلى هنا لكي نعيش كما كنا متعاونين غير متلازمتين ، قالت هذا وجرت إلى حيث كانت صاحبتها وقالت لها ، أراك ساكنه ولا تتحركين من مكانك أيتها الصديقة ، أيعجبك أن نهلك في هذا المكان الجاف ، فلا ننتقل عنه لمكان غيره .
فقال الصغيرة بفخر نعم وجدت بئر يكفينا مشقة الحياة ، ولكني متعبة لا أقدر على السير ثانية إليها فحاولي أن تجدي وسيلة ننتقل بها إلى البئر ، فحملت الضفدعة الكبيرة صاحبتها الصغيرة وصارت بها إلى أن وصلاتا إلى البئر ، ثم تطلعت الضفدعتان إلى جوف البئر وظهرت علامات الحيرة على وجهما وتأملت الكبيرة البئر جيدًا ، ثم قالت وكيف السبيل إلى الوصول إلى القاع فقال نقفز إليه يا صديقتي معًا قفزة واحدة ، قالت الأخرى وإذا جفت البئر كيف سنخرج من هنا .
سكت الصغيرة ولم تجرؤ على الكلام ، ثم ذهبت الضفدعتان تبحان عن مكان أخر إلى أن تسلقا ربوة صغيرة الارتفاع فوجدتا بركة صغيرة ينساب الماء إليها من جبال الغابة ، وقفزت الضفدعتان إلى الماء وعاشتا آمنتين بهذا المكان وهكذا أنقذت حكمة الكبيرة وتجربتها الضفدعتين من القفز إلى قاع البئر حيث لا مجال للخروج .
من قصص كليلة ودمنة .