هذه قصة لفراشة لم تستطيع أن تعيش حياتها الطبيعية بسبب تدخل الإنسان ، ومحاولته السير عكس اتجاه الطبيعة حتى لو كان هدفه في النهاية مرتبطًا بحسن النية ، ومن المعروف أن الفراشة الجميلة ذات الألوان الرائعة تأتي من دودة غير جذابة بالمرة .
يُحكى أنه ذات يوم رأى رجل شرنقة لفراشة صغيرة ، كان هذا الرجل عاشق للفراشات بمختلف ألوانها ، يقضي الكثير من الوقت في متابعتها والتمتع بجمالها ، فمزيج الألوان الرائعة التي تظهر بها الفراشات كان يضفي عليه لونًا من البهجة ، ويجعله يعود لبيته سعيدًا .
كان الرجل يتابع تلك الشرنقة بشغف شديد ، وهو يستمتع برؤية الفراشة الصغيرة وهي تحاول الخروج والتحول من دودة قبيحة لفراشة جميلة بأجنحة ملونة ، كان في الشرنقة فتحة صغيرة يتابع من خلالها في صمت .
رأى الفراشة وهي تشق طريقها إلى العالم المحيط ، فظل يراقبها لساعات طويلة وهي تحاول الخروج ، أمضى ما يقرب من عشر ساعات وهو ينظر وينتظر خروج الفراشة الصغيرة ، كانت الفتحة صغيرة والفراشة تحاول بكل قوتها توسعتها للعبور خارج الشرنقة .
ولكن مع الأسف لم تتسع الفتحة إلا قليلًا ، ولم تستطيع الفراشة أن تحرز تقدم ملحوظ بعد كل تلك المحاولات المستمرة ، فبدا للرجل أن الفراشة قد فعلت كل ما بوسعها ، ولا يمكن أن تعطي أكثر من ذلك ، فتحركت داخلة العاطفة تجاه تلك الفراشات الجميلة .
وقرر مساعدة الصغيرة على الخروج من الشرنقة ، فجلب مقصًا صغيرًا وقام بتوسعة فتحة الشرنقة لتخرج منها الفراشة ، وبالفعل خرجت الفراشة دون أي نضال أو جهد ، ولكنها لم تبدو كباقي الفراشات الأخريات .
لسوء الحظ لم تعد الفراشة جميلة ، كان هناك تورم كبير بجسدها وكنت أجنحتها صغيرة جدا ، لدرجة أنها لا تقوى على حملها ، ولكن الرجل لم يدرك ذلك فقد كان سعيدًا بخروج الفراشة دون أي صراع أو عذاب .
وظل يتابعها منتظرًا منها أن تطير كباقي الفراشات ، فقد كان يعتقد أن بوسع الفراشة أن تقلص جسدها وتفرد جناحيها وتطير ، ولكن هذا لم يحدث فالجهد الذي كانت ستبذله الفراشة للخروج من داخل الشرنقة ، كان هو السبيل الوحيد للتخلص من السوائل الموجودة بجسمها وتحويلها إلى الأجنحة ، فتصبح أخف وزنًا وبالتالي تستطيع الطيران .
ولكن الرجل بنية حسنة سبب الضرر للفراشة المسكينة ، فبدلًا من أن يساعدها في الخروج تسبب لها بخلل لا تستطيع معه الطيران ، لذا من الأفضل ألا نعادي الطبيعة ولا نستعجل الأمور ونترك كل شيئًا يأخذ وقته الكافي كي يتم على أكمل وجه ، لأننا إن كنا لا نريد المحاربة وخوض الصراعات الحياتية ، لن نتمكن من النجاح والقدرة على الطيران ، فالنضالات تجعلنا نلمع!