في قرية من القرى البعيدة كان هناك رجلاً لديه ثمانية أبناء ؛ ستة من الذكور واثنتين من الإناث لكنه مات وتركهم في رعاية أمهم الحامل ، التي وضعت عقب وفاة زوجها مولودًا ذكرًا لكنه كان يشبه القرد !
كان شكله سيء رفض القرويون والأقارب وجوده بينهم ، وطلبوا من أمه التخلص منه لكن رفضت ذلك واحتضنت وليدها وأخبرتهم أنها ستربيه مثل إخوته ، لذا طردوها خارج القرية وأرسلوها للعيش مع طفلها في كوخ بعيد .
فعاشت الأم هي وأبنائها وطفلها القرد معَا ، وعلمت الطفل الكلام شأنه شأن إخوته حتى تأهل للتعامل مع الناس ، وفي يوم من الأيام خرج إخوته الأكبر سنًا لتهذيب الغابة وزراعتها ، فسألهم أين يمكن أن يزرع فسخروا منه وأشاروا له على قطعة غير صالحة .
فتركهم واتجه إلى هناك وأخذ يعمل بجد ولما انتهى ذهب إلى إخوته ، الذين كانوا يعملون بجد في إزالة الأشواك وتهيئة الأرض ، وعاد معهم إلى المنزل ، وفي اليوم التالي ذهب معهم وفعل في قطعته مثل ما كان يفعل كل يوم .
وفي مرة سأله أحد إخوته ماذا يفعل ببقائه معهم ، فأخبره الصبي القرد أنه حينما شعر بالتعب من قطع الأشجار ، جاء ليستريح ويجلس معهم فضحك الأخوة وظنوه يكذب ، وقالوا له لما لا ترينا ما فعلت ، فأخذهم معه إلى قطعته وذهلوا كثيرًا حينما رأوا تطهيرًا وتهذيبًا كبير للغابة ، أكبر مما كانوا قادرين على فعله .
ثم قام الإخوة بعد ذلك بتهيئة الأرض وحرثها ، ولكن الصبي القرد لم يكن لديه محراث ولا ماشية تساعده في العمل ولا أي من بذور الأرز لكي يزرعها ، وكان الشيء الوحيد الموجود في المنزل هو اليقطين ، لذا أخذ منه البذور وزرعها في أرضه .
وحينما سأله أخوته عما زرعه أخبرهم أنه قام بزراعة محصور الأرز ، وكان الأخوة يذهبون كل يوم للنظر على محصولهم المتنامي ، حتى حان موعد حصاده فاحتفلوا ودعوا أمهم وأخيهم القرد ، واستمتع الجميع بالمحصول اللذيذ .
وأثناء ذلك قال الصبي القرد أنه سيحصد محصوله أيضًا بعد يومين أو ثلاثة ، لذا طلب من والدته تنظيف المنزل ودعوة إخوته وزوجاتهم على الطعام ، وعاد إلى الحقل وأحضر من هناك أكبر يقطينة نمت ، وحينما شقها كانت مليئة بالأرز ففرح الجميع بالطعام اللذيذ وأكلوا منه حتى شبعوا .
ولما جاء العيد كان الإخوة قد أنهوا محصولهم ، فذهب الصبي القرد وأحضر لهم أرز اليقطين ففرحوا بذلك كثيرًا ، وقد كان الأرز المزروع يكفي لعام كامل ، بعد فترة قرر الإخوة الخروج لشراء بعض الخيول ، فخرج معهم الصبي القرد ولكنه لم يكن يملك المال ، كل ما كان معه هو لفة من الحبال ، وأثناء السير شعر الإخوة بالخجل من أخيهم وطلبوا منه الابتعاد .
فسبقهم في الطريق ووصل إلى مكان تاجر الخيول أولاً ، وهناك سمع حديث الخيول مع بعضها البعض ، حيث قال واحد منهم للآخرين أنه يستطيع أن يجري بسرعة كبيرة ويقفز اثنى عشر قفزة أثناء جريه ، هنا قام الصبي القرد على الفور بوضع شيء في حدوة الحصان لجعله يعرج .
وفي الصباح حينما وصل إخوته وذهبوا لشراء الخيول لم يشتروا الفرس التي تعرج بقدمها ، ففقد صاحبها الأمل في بيعها ، ولكن الصبي القرد عرض عليه لفة الحال ثمنًا لها فوافق التاجر وقال هذا أفضل من لا شيء ، فيبدو أن الحصان مريض وقد يموت قبل أن أنتفع به .
وبعد أن اشترى الصبي الحصان نزع ما كان بحدوته فأخذ الفرس يجري سريعًا ، حتى تخطى الصبي اخوته وسبقهم إلى المنزل ، وهناك عرضوا عليه المبادلة ولكنه رفض ، ومرت الأيام والشهور وأصبح الصبي القرد ثريًا ، ولديه من المال الكثير ، ولكن كان لديه حلم ينقصه وهو الزواج بإمرأة تحبه .
فطلب من أمه أن تبحث له عن عروس ، ولكنها أخبرته أن الأمر صعب وعليه أن يجد هو فتاة تتقبله كما هو ، فخرج الصبي إلى شاطئ النهر ، ووجد هناك بعض الفتيات فأخذ ملابس واحدة منهن ، واختبئ على الشجرة وعلق الملابس هناك ، وحينما خرجت الفتاة أخذت ملابس واحده من صديقاتها وذهبت للصبي ، لكي تحضر ملابسها .
وهناك أخبره الصبي أنه يرغب في الزواج بها ، فتعجبت الفتاة من هذا القرد الذي يتكلم ، وطلب منها أن ترافقه وبعدها تقرر فوافقت الفتاة ، فحملها القرد على ظهره وجرى بها إلى منزل والدته ، وهناك حكى لها قصته وأخبرته أمه عن طيبة قلبه وذكائه الذي جعله أغنى إخوته ، فوافقت الفتاة على الزواج منه ، وبعدها عاش القرد مع زوجته وأمه في سعادة بالغة ، فزوجته لم ترى فيه سوى جمال الروح .