أشرقت الشمس وطارت العصافير مغنية لنشيد الضياء ، اندفع الناس إلى الحقول ليستمتعوا بيوم الجمعة ، وخرجت أسرة أبي سميح إلى الغابة ، وقضت الأشرة وقتًا ممتعًا ، وبعد وجبة الغداء تمشى الأخوة الثلاثة سميح وفرحان ولبنى غير بعادين عن أبويهم ينظرون إلى الصخور الرمادية الضخمة والأشجار والحشرات الغريبة .
وفجأة شاهد فرحان كهف كبير فصخر بدهشة وقال انظروا إلى تلك الصخرة إنها محفورة ، صاحت لبنى وقالت هذا كهف يا فرحان الإنسان القديم سكن هنا هكذا قالت المعلمة ، سأل فرحان وماذا كانوا يقولون جذور النبات الأشجار لحم الحيوان ، هل كان لديهم مسدسات يصطادون بها ، لا لم تكن الأسلحة معروفة كانوا يضربونها بالعظام والحجارة ، وبالعصي الغليظة ثم يشونها بالنار ويأكلونها .
اقترب سميح من الكهف وقال هيا ندخل عسى أن نجد قرط حيوان فأنا عطشان وأريد أن أشرب ، فأمسكن لبنى يد فرحان ودخلا ، وما إن قالت اسمعوا حتى ردد الكهف صدى الكلمة ، فانفجر سميح ضاحكًا ، لبنى فردد الكهف صدى الصوت فصاح فرحان بصوت عالِ ، عصفور فردد الكهف صدى الصوت ، فقال فرحان لماذا لا نمثل حياة الإنسان القديم ، فنط سميح فرحًا وقال فكرة جيدة ولكن كيف ، قالت لبنى أنا أمثل دور الأم وفرحان ابني الصغير ، أما أنت يا سميح فتمثل دور الوحش ، فقال سميح ولكني لا أحد أن أوذي أحدًا .
قالت لبنى أعرف ولكنها لعبة فقط ، ثم خرجت من الكهف وبدأت في جمع الأوراق الخضراء وسأل فرحان ماذا تصنعين ، فردت لبنى كان الإنسان قديمًا يتستر بالأوراق لأن الأقمشة لم تكن معروفة ، فخلع فرحان قميصه وأخذ يلم الأوراق ويعلقها على حزامه ، ومشى سميح على أربع مصدر أصوات مخيفة ، فأمسكت لبنى بيد فرحان وركضا إلى داخل الكهف ، وسميح نحو فرحان قائلًا هم هم سأكللك أيها الصغير إن لحمك أبيض مثل الثلج ، فصاح فرحان خائفًا أمي أمي أنقذيني سيأكلونني الوحش ، فمدت لبنى يدها إلى جيبها وأخرجت علبة الكبريت التي أحضرتها مع مستلزمات الرحلة .
ثم اشعلت عود واقتربت من الوحش ، نفح سميح على العود فانطفأ فصاحت لبنى غاضبة يجب أن تهرب فالحيوانات تخاف النار ، فاستلقى سميح على ظهره من شدة الضحك وقال هل أنا جبان حتى أخاف من عود كبريت سأل فرحان والآن ماذا سنفعل ، فردد لبنى أنظر إلي ثم أمسكت قطعة فحم صغيرة وراحت ترسم على جدار الكهف ، رأس وحش له أنياب طويلة و فوق رأسه حجر كبير .
فقال فرحان لماذا ترسمين على الجدار فقالت له اسمع يا فرحان جدنا الإنسان لم يكن يعرف الكلام ، لذا كان يستعين بالرسم فسمعوا صوت أبيهم ينادي أين أنتم يا صغار ، فرد سميح نحو في الكهف ، دخل الأب وقال ماذا تفعلون هنا فحكت لبنى لأبيها حكاية اللعبة ، فضحك وقال أعطينى لعبة الكبريت يا لبنى لأن النار خطرة في الغابة .
ثم جلس الأب على صخرة صغيرة وأضاف فعلًا كانت حياة الإنسان هنا قاسية وخطرة ، ولكنه لم يستسلم فظل يعمل ويتعب حتى وصل إلى الحضارة التي نعيشها الآن ، فابتسم الصغار وعرفوا أن الإنسان يصل إلى هدفه بالاجتهاد والعمل .