كانت الطائرة مزدحمة والركاب يشغلون مقاعدهم ، وفجأة دخلت امرأة شقراء جميلة في منتصف الثلاثينات تبدو في عجلة من أمرها ، أخذت تبحث عن مقعدها وسط المقاعد المتراصة أمامها ، فوجدته بجانب رجل أسود البشرة يجلس في هدوء .

فجلست السيدة على مضض وهي تشعر بالاشمئزاز من وجودها بجانب ذلك الرجل ، وأخذت ترقب النظر لعل تجد مقعد فارغ أو راكب اعتذر عن رحلته ، لتحل هي محله ولكن دون جدوى .

فطلبت السيدة الجميلة من مضيفة الهواء تغيير المقعد أثناء مرورها بجوارها ، فسألتها المضيفة عن سبب رغبتها في التغيير ، فأظهرت السيدة اشمئزازها من الرجل الأسود ، وقالت لها : من المستحيل أن أجلس بجانب هذا الرجل الأسود ، فأنا أكره ذوي البشرة السمراء .

فصدمت المضيفة من سماع مثل هذه الكلمات الصعبة من امرأة ذات وجه ملائكي ، تبدو عليها الرقة والعذوبة ، وحاولت إقناعها بالجلوس ولكن المرأة الجميلة ألحت في طلبها ثانية ، وطلبت الانتقال لمقعد أخر .

فوعدتها المضيفة بمحاولة إيجاد حل وطلبت منها الانتظار فقط لعدة دقائق ، وبالفعل ذهبت المضيفة للبحث عن مقعد فارغ للسيدة على متن الطائرة ، ولكنها لم تجد أي مقعد شاغر بالدرجة الاقتصادية ، فالرحلة كان تقريبًا شبه مكتملة .

وأخبرت السيدة بذلك ولكن حرصًا منها على راحة الركاب ، قالت لها انها ستسأل القبطان عن حل ، لأنه ليس من العدل أن يجلس أحد في مكان وهو غير سعيد أو مرتاح ، فانتظرت السيدة لبضع دقائق أخرى حتى عادت المضيفة .

وحينما جاءت قالت لها : سيدتي نأسف كثيرًا على هذا الإزعاج ، فنحن لم نكن نرغب في وجود ما يعكر صفو رحلتك ، حتى لو كان هذا جلوسك بجانب شخص لا ترتاحين له ، لذا يوجد مقعد واحد فقط شاغر بالدرج الأولى .

وعلى الرغم من أننا لا نسمح لأي راكب بالانتقال من الدرجة الاقتصادية إلى الدرجة الأولى ، إلا أننا من أجل راحتكم سنفعل ذلك لأول مرة في تاريخ شركتنا ، فقد وافق قائد الطائرة على هذا الانتقال .

وقبل أن تقول السيدة أي كلمة شكر للمضيفة ، سألت المضيفة الرجل الأسود بتواضع إن كان من الممكن أن يحول مقعده إلى الدرجة الأولى ، ويحضر كل متعلقاته الشخصية معه لأن قائد الطائرة يتمنى له رحلة مريحة لا يجلس فيها بجوار شخص غير سعيد يمتلك عقل قبيح .

تجمدت السيدة جميلة الوجه قبيحة العقل أمام تلك الكلمات ، ولم تستطيع أن تنطق بكلمة ، وكان هناك عدد قليل من الركاب الموجودين في محيطها سمعوا كل ما حدث ، فصفقوا لطاقم الطائرة وحيوهم على تصرفهم النبيل ؛ لأنه ليس من حق أي شخص أن ميز الناس على حس لونهم ، فالله سبحانه وتعالى خلق الجميع سواسية ولا يميز بينهم إلا أعمالهم .

By Lars