كان علي صبي صغير شغوف ومحب للحياة البرية  ، بل كان مولعَا بها وخصوصًا حياة الأفيال ، وللأسف لم تكن لدية الفرصة لرؤية الفيلة الحقيقية ؛ لأنه كان يعيش في بلدة صغيرة بعيدة عن الغابة ، والمكان الذي عاش به لم يوفر له فرصة لمشاهدة الماموث أو الأفيال من قريب .

كانت كل مشاهداته للأفيال والماموث تتم عبر التلفاز فقط ، وظل علي طوال عمره يتمنى رؤية الفيلة على حقيقتها في موطنها الأصلي ، ولحسن حظه أتته الفرصة عندما كان في عمر الخامسة والعشرين ، حيث حصل على فرصة للانضمام إلى طاقم من عشاق الحياة البرية .

وكان من ضمن خططهم لهذا العام زيارة الأفيال في موطنها الأصلي في غابات الهند ، كان على في غاية السعادة وبدأ رحلته معهم بسعادة غامرة ، فزاروا أماكن كثيرة ومروا عبر الغابات وساروا إلى قرية نائية في وسط الغابات ، كانوا يقولون أن بها ما يقرب لمائة فيل .

ويمكنهم أن يتمتعوا جميعًا بالركوب على ظهر تلك الفيلة في موطنها الطبيعي ، وبالفعل أتت اللحظة التي كان علي في انتظارها ، فعندما رأى الفيلة ظل ينظر إليها ثلاث ساعات متواصلة باندهاش وإعجاب وسعادة غريبة .

وتعجب من أن تلك الأفيال كانت مربوطة بسياج ضعيف ، فلا توجد سلسة حديدية قوية تربطها أو سياج يمنعها من الرحيل ، فقط كان حبل ضعيف وهزيل بالإضافة لبعض الحظائر بسيطة التي لا يوجد بها أبواب .

فوجئ علي بذلك كله لأنه كان يشاهد الأفيال في مسلسلة بالحديد ، وتقبع خلف سياج حديدي قوى ، فسأل أحد المواطنين في القرية عن سبب تركهم للأفيال بحرية دون حماية ! ، وسأله أيضًا هل تلك الأفيال بضخامة جسدها وقوتها الكبيرة لن تقطع الحبل بسهولة وتهرب ؟

فكان جواب المواطن غريب جدًا حيث أجاب بالنفي ، فوجئ علي برد هذا المواطن الذي يقطن بالقرية ، وقال له لماذا إن الأفيال تمتلك قوة كبيرة تستطيع معها تكسير سياج يفوق هذا السياج بمرات عديدة ؟ فرد عليه المواطن قائلًا : لقد تم تدريب كل هذه الأفيال منذ طفولتهم .

حيث كنا نربطهم بسلاسل لم تكن الفيلة قادرة على قطعها أبدًا ، فالسلاسل التي كنا نستخدمها في طفولة الأفيال كانت قوية جدًا ، ومع نمو الأفيال عامًا بعد الأخر ترسخ لديها اعتقاد أنها لن تستطيع أن تفر أبدًا مهما حاولت ، فاعتادت الأمر وهكذا صرنا نقوم بربطها بتلك الحبال الضعيفة .

وهي لم تحاول الهرب أبدًا حتى عندما كبرت وصارت أقوى بكثير ، اندهش علي من تلك الحيلة الجميلة التي احتال بها الإنسان على عقل الأفيال ، وكان في غاية السعادة لرؤية هذه الأفيال العظيمة وقدرته على تحقيق حلم الطفولة .

وبالقصة رسالة واضحة تخبرنا أن حياتنا هي مثل تلك المعتقدات الكاذبة عند الفيلة ، فنحن نتبع بعض المعتقدات الكاذبة التي تواجهنا ، ونفشل في تجربة شيء جديد لمجرد اعتقادنا أنه يصعب تحقيقه والحصول عليه .

By Lars