أوشك برنامج المركبة الفضائية التي تستكشف سطح الأرض بأشعة الليزر على الانتهاء ، وكان القرن العشرون يقترب من نهايته ، وبينما كانت أجهزة الكمبيوتر العملاقة تحلل البيانات التي أرسلتها المركبة الفضائية ، على امتداد فترة طويلة ، حدق العلماء مندهشين ، وهم يقرؤون النتائج ، وتنهد أحدهم قائلًا : رحم الله ألفريد فاجنر .
التلميذ فاجنر :
ففي مطلع القرن العشرين ، وتحديدا عام 1903م ، قرأ التلميذ الألماني ألفريد فاجنر ، الذي لم يتجاوز ال 14من عمره آنذاك ، عن الأبحاث التي أكدت وجود حفريات متشابهه على جانبي المحيط الأطلسي ، وفكر أن ذلك يشير إلى احتمال أن قارتي أفريقيا وأمريكا كانتا قارة واحدة ، وانقسمت إلى جزئيين وأخذ كل جزء منها يتباعد عن الآخر .
نظرية جديدة واستنكار :
لم يكف الشاب فاجنر عن التفكير في ذلك على مدار 9 سنوات ، ففي يناير عام 1912م ، وبعد أن تخرج من الجامعة ، وصار محاضراً في جامعة ماربورج ، وقف محاضراً يشرح نظريته ، التي تقول قارات الأرض تتحرك مثل صخور عملاقة عائمة على المادة المصهورة تحتها ، كانت قاعة المحاضرات مزدحمة بالعلماء والطلاب ، وعلت صيحات استنكار النظرية الجديدة .
المزيد من اثبات النظرية :
لكن هذا لم يحبط نظرية العالم الشاب ، وجعله يكرث المزيد من الوقت لتدقيق نظريته ودعمها بالمزيد من المكتشفات الجديدة ، خاصة أنه كان هناك سؤال لم يستطيع الرد عليه ، وهو : إذا كانت القارات تتحرك فما الذي يحركها ؟..
كتاب جديد :
وفي عام 1915م ، نشر كتاب على نظريته أسماه أصل القارات والمحيطات ، قال فيه : أن اليابسة كانت قارة واحدة ، أسماها بنجايا ، أي كل الأرض باللغة اليونانيه ، ومنذ مائتي مليون سنة ، تشققت هذه القارة الواحدة ، وانقسمت إلى عدة قارات ، أخذت تتباعد عن بعضها البعض ، لم يهتم أحد بنظرية فاجنر لكنه لم يتخلى عن العمل والبحث ، واستخدم خبرته كعالم مناخ ، واستنتج أن القوة المحركة للقارات ، هي حركة دوران الأرض ، والتي تسبب أيضا دفع الرياح غرباً وبعيداً .
وفاة ألفريد فاجنر :
وفي عام 1929م ، أصدر فاجنر الطبعة الرابعة من كتابه ، ثم سافر إلى جرين لاند بعد اكتشافات جديدة ، تدعم نظريته ، لكنه لم يعد إذ مات هناك .
تحليل النظرية بعد الوفاة بأعوام :
وبعد عشرين سنة من موت فاجنر ، بدأت نظريته تعود إلى الظهور ، إذ كشفت الأبحاث أن في منتصف المحيط الأطلسي عن اتساع الفجوة بين حافتيه مما يعني ، تمدد قاع المحيط ، ويعني أيضا تباعد أجزاء قشرة الأرض ، ثم توالت الدراسات والأبحاث التي تؤكد صحة النظرية ، فقد استقرت نظريته عن الطبقات التكتونية التي تقول أن قشرة الأرض هي ألواح عائمة على مادة باطن الأرض المنصهر ، تتصادم حوافها وترتفع فتكون الجبال ، وتكون الزلازل ، تمر الأعوام وتزداد نظرية فاجنر رسوخاً .
الاعتراف بصحة النظرية :
وعندما هتف أحد علماء المحطة الأرضية التي تابعت في نهاية القرن العشرين ، نتائج البحث الفضائي بأشعة الليزر ، رحم الله فاجنر ، فإنه كان يتذكر الرجل الذي صاغ في البداية اكتشاف أن قشرة الأرض تنقسم إلى تسعة أجزاء ، وأربعة عشر قطعة صغيرة ، وكلها تتحرك بمعدل 15 سنتيمتر كل عام ، بينما تتباعد قارة أوروبا بعيدًا عن أمريكا الشمالية بسنتيمترين سنوياً .