يمتلئ تراثنا العربي ، من الشرق إلى الغرب بالعديد من القصص والأساطير ، التي روتها لنا جداتنا ونحن صغار ، وقد حان الوقت لكي نسرد بعضًا مما سمعنا ، ولقصة الإخوة السبعة عبرة وعظة ونصح ، وهي مستوحاة من الثقافة الجزائرية الشقيقة ، وهذه هي القصة .
كانت هناك سيدة تدعى خديجة ، تعيش مع زوجها في كوخ بسيط ، وكان الزوجان يرغبان بشدة في إنجاب طفلة أنثى ، ولكن إرادة الله فوق كل شيء بالطبع ، فرزقهما الله عزوجل بالذكور ، واحدًا تلو الآخر ، وظلت خديجة تنجب الذكور ، إلى أن اتفق أبنائها جميعًا عندما كانت أمهم تحمل طفلها الأخير ، بأنها إن لم تنجب لهم فتاة ، سوف يتركون المنزل جميعًا ، ولن يعودوا إليه أبدًا .
وكانت لخديجة صديقة تدعى فاطمة ، سيدة حقود وشريرة النفس ، ولا تحب الخير لغيرها ، تلك السيدة كانت تعمل قابلة ، أي بتوليد النساء في هذا الوقت ، واستعانت خديجة بها ممنية نفسها أن صديقتها سوف تكون رحيمة القلب بها ، وبالفعل حان موعد الولادة .
انتظر الإخوة السبعة خارج الغرفة ، وهم ينتظرون أن تأتيهم البشرى بقدوم الشقيقة ، ولكن فاطمة كانت حقودة ، وذات نفس شريرة وقاسية ، فخرجت عقب الولادة ، وأخبرت الإخوة السبع بأن أمهم قد أنجبت ذكرًا مرة أخرى ، وقد كانت تعلم بأنهم سوف يرحلون تاركين والديهم ، على الرغم أن الله قد رزقهم بفتاة حقًا .
انصرف الإخوة وهم في غاية الحزن ، وقام أحدهم بالإمساك ببكرة من الخيط ، وربط أولها إلى شجرة بجوار المنزل ، وقال لإخوته أنهم سوف يسيرون حتى ينقضي الخيط ، ثم يقبعون ، وبالفعل مضى الإخوة حتى انتهى الخيط ، فبسطوا متاعهم وبنوا كوخًا لهم ليعيشوا فيه .
مضت الأيام والسنون ، حتى كبرت الفتاة وهي لا تدري أن لها إخوة ، فقد كانت تسير بين الناس لا تدري شيئًا عن قصتها ، ولا تعلم سوى أن الجميع يلقبونها ، بأنها مضللة الإخوة السبعة ، أي أنها من تسبب في أنهم ضلوا الطريق ، وكانت عندما تسأل والدتها تصمت الأم ولا تجيب .
ظل الإخوة على حالهم يخرج ستة منهم إلى العمل ، ويتركون شقيقهم الأصغر بالمنزل ليقوم بأعماله ، ويطهو الطعام لإخوته ، ليعودوا وكل شيء جاهز للاستخدام .
ظلت الفتاة تلح على أمها لمعرفة الحقيقة ، حتى روت لها أمها كل ما حدث ، ولكنها لم تكن تعلم بأن فاطمة هي السبب الذي دفع الإخوة للرحيل ، فقررت الفتاة أن تحسم هذا الجدل ، وتنطلق باحثة عن إخوتها ، فقامت بالإمساك ببكرة خيط ، وربطت طرفها إلى الشجرة المجاورة للمنزل ، وهي لا تعلم بأن إخوتها قد فعلوا ذلك من قبل ، ولكن نظرًا لأن الخيط رفيع للغاية ، فلم يراه أحدهم من قبل .
انطلقت الفتاة حتى انتهى الخيط بين يديها ، ووجدت نفسها إلى جوار الكوخ الذي بناه إخوتها ، فتخفت خلف الأشجار حتى لا يرونها ، وانتظرت حتى انصرف الإخوة الستة إلى عملهم ، ودخلت لتجد أخيها الصغير نائم ، فقامت بتنظيف المنزل وطهي الطعام وانصرفت ، ليستيقظ الشقيق الصغير ويجد كل شيء بالمنزل في أبهى صورة .
وظل هذا الأمر يتكرر لعدة أيام ، فأصر الشقيق الصغير على ألا ينام ليرى ما يحدث ، وبالفعل تظاهر الشقيق بالنوم ، حتى أتت شقيقته فنهض ليسألها من هي ، فقالت له أنها تعتقد بأنها شقيقته ، وروت له ما حدث ، وظلت بالمنزل حتى عاد إخوتها وقصّ عليهم شقيقهم ما حدث ، فسارعوا للترحيب بشقيقتهم ، وبعدما تبينوا ما حدث من فاطمة أصروا أن يعودوا إلى أمهم ، وينتقموا من فاطمة إلا أنهم عندما عادوا ، علموا بأن فاطمة قد سقطت من أعلى منزلها ، عندما ذلت قدمها فجأة وماتت .
حمد الأشقاء ربهم على نعمه ، وأن لهم شقيقة وأيقنوا بأن فاطمة قد نالت جزائها ، لكل ما اقترفت يداها .