بدأت ليالي رمضان وانتشرت أطفال القرية في الشوارع وهم يحملون الفوانيس الزجاجية ويتغنون بأغاني رمضان الجميلة ويلعبون أمام دكان عم أحمد بائع الكنافة الذي أستقبلهم بالترحيب والتهليل .
كان الجو صيفيًا وفي توقيت الأجازة السنوية ولذلك كان الأطفال منطلقين وفرحين بقدوم رمضان وهلاله في وقت أجازتهم ، وأثناء لعب الأطفال وفرحتهم جاء الغفير ذو الشوارب المعقوفة والطربوش الأحمر الطويل وصاح في صوت مرعب وقال : هيه ، من هناك ؟ .
أرتعب الأطفال فلم يكن هناك سواهم ولكنهم لم يردوا عليه وأكملوا اللعب ، فغضب الغفير وصاح في وجوههم وقال : أذهبوا الآن إلى بيوتكم فرد عليه أكبر الأطفال واسمه خلف وقال له : نحن ننتظر المسحراتي يا عم فرج ، فرد عليه الغفير وقال عودوا الآن وإلا احتجزتكم .
ترك الأطفال الشارع وذهبوا ناحية دكان بيع الكنافة ولعبوا أمامه ولكن الغفير لم يتركهم وصاح فيهم مرة أخرى ، فقال له عم أحمد بائع الكنافة أن يتركهم يلعبون فهم زينة الحياة الدنيا ولكنه صاح غاضبًا وقال له اصمت أنت يا بائع الكنافة وإلا عاقبتك معهم .
انصرف الأطفال وفي وقت السحور انطلقت أصوات طبلة المسحراتي ف وسط الهدوء الذي كان يسود الشوارع وأخذ يتغنى بكلماته المعتادة ولكنه حاول ان يبحث حوله عن الأطفال كعادتهم في كل سنة ينتظرونه ولم يجدهم .
صاح الغفير وقال : من هناك ، فقال المسحراتي : أنا عمك محمود المسحراتي ، كل عام وأنت بخير ، فقال له الغفير وأنت بخير ، وسأله المسحراتي : أين الأطفال ، فقال له الغفير لقد طردتهم وذهبوا لبيوتهم ، فقال له عم محمود : لماذا فعلت هذا الأمر إنهم يؤنسون وحدتي ويوقظون الصائمين معي ، ألا تعلم أنهم الملائكة التي تسجن العفاريت ، فقال الغفير في خوف اللهم احفظنا يارب .
سار الغفير ثاني يوم كعادته في الشوارع وهو يصيح ويقول هيه ، من هناك ، فسمع صياح البومة واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم وبعدها رأى فأرًا مختبئ فى الزروع وسمع أصوات غامضة تأتي من الغيطان ورأى خيال المأتة يتحرك أمامه فتذكر كلام المسحراتي وأرتعب وأخذ يذكر الله ولكن المأتة استمرت في الاقتراب منه وعيناه يشعان ضوءًا مخيفًا وتصدر أصوات مرعبة .
أرتعب الغفير ووقع مغشيًا عليه وفاق على يد عم محمود المسحراتي وهو يقول له ماذا حدث لك ، هل رأيت عفاريت ، قال له الغفير في غضب لا يوجد مثل هذه الأشياء أبعد عن وجهي ، فقال له عم محمود المسحراتي دع الأطفال يلعبون كما يريدون ولن ترى أي عفاريت ، ومن يومها ولم يتعرض الغفير للأطفال ويتركهم يلعبون في القرية .