في عهد الملك آرثر الشهير ، عاش هناك بأرض انكلترا ، وبالتحديد في مقاطعة كورنوال ، مزارع نشيط ، كأنه لديه ابن وحيد يدعى جاك. كان جاك صبي جريء يعشق سماع قصص العمالقة والجنيات ، ومطاردة الأشرار ، ويهوى القراءة عنهم وكان أحب وقت لديه ذلك الذي يقضيه مع أمه وهي تقص عليه قصص الفروسية والشجاعة ، ويحكي فيه أبوه عن الأعمال العظيمة للفرسان الشجعان مثل الملك آرثر .
كان جاك يخرج كل يوم لرعاية الأغنام والثيران في الحقول ، وكان يتخيل نفسه دائمًا محارب عظيم فكان يمارس بعض الرياض والألعاب القتالية مع نفسه ليسليها أثناء الرعي ، وكان جاك مصارعًا جيدًا حينما يدخل في منافسة مع الأطفال دائما يكون هو المنتصر .
وفي تلك الأيام كان هناك عملاق ضخم يعيش أعلى جبل سانت مايكل بكورنول ، كان طوله يتخطى الثمانية عشر قدم ، وكان يسبب الرعب لكل مقاطعة كورنول فحينما يشعر بالجوع ، كان يهجم على البيوت ويلتهم الماشية ويسرق الثيران والخنازير والأغنام ويعود بهم إلى كهفه حتى ينفذ ما لديه ويشعر بالجوع ، فيعيد الكره مرة ثانية .
عانى أهل كورنول من شر هذا العملاق ، وتمنوا لو استطاع أحد أن يخلصهم منه ، فشعر جاك أنه يستطيع أن يعل ذلك فهو جريء وشجاع ، لذا قرر جاك أن يقتل العملاق ، وأخذ معه قرن ثور ، ومجرفة ، ومعول ، وفانوس مظلم ، وصعد إلى الجبل في وقت مبكر من ليل الشتاء الطويل .
وهناك ظل يعمل طوال الليل ، وقبل أن يبزغ نور الصباح حفر حفرة كبيرة طولها اثنين وعشرين قدمًا ، وغطاها بالعصي والقش ووضع عليها بعض التراب ليجعلها تبدو تمامًا مثل الأرض الصلبة ، ثم وضع قرن الثور على على فمه ، ونفخ فيه فخرج منه صوت عالي وله صدى طويل أيقظ العملاق .
فجاء العملاق مسرعًا إلى مصدر الصوت ، فلما رأى جاك جرى باتجاهه كأنه الرعد ، لم يخشى منه جاك ولم يتحرك من مكانه بل على العكس ، قال له أيها العملاق الشرير لقد دمرت بلدتي وستدفع ثمن ذلك غاليًا ، وما هي إلا ثواني حتى زلت ساق العملاق ووقع بالحفر التي حفرها جاك وغطاها في حيلة ذكية .
حاول العملاق أن يخرج من الحفرة ولكن عاجلة جاك بمعوله ، فضربه ضربة قوية على الرأس قتلته في الحال ، فأسرع جاك يخبر أصدقائه ويفرح أهل كورنول بذلك النبأ العظيم ، فلما سمع قضاة كورنول بذلك العمل الباسل ، أرسلوا إلى جاك يشكرونه وأطلقوا عليه لقب جاك قاتل العملاق ، ومنحوه سيفًا وحزامًا كتب عليه بحروف من ذهب: هذا هو الكورنيشمان الباسل الذي قضى على العملاق كوروموران .
ذاع صيت شجاعة جاك في الأجزاء الغربية من إنكلترا ؛ حتى سمع عنه عملاق آخر يُدعى أولد بلوندربور وتعهد بالانتقام منه ، وكان لهذا العملاق قلعة مسحورة وسط أكوام كبيرة من الخشب ، وبعد أربعة أشهر من وفاة كورموران العملاق ، كان جاك يقوم برحلة إلى ويلز ومر عبر هذا الخشب ؛ ولما غلبه التعب جلس يستريح بجانب نافورة المياه الراقصة ، وهناك سقط في نوم عميق .
فلما جاء العملاق إلى نافورة المياه ليشرب وجد جاك هناك ؛ وعرف من الكلمات الذهبية على حزام جاك من هو ؟ ، فرفعه العملاق برفق ووضعه على كتفه لينقله معه إلى القلعة ، وبينما هو سائر به استيقظ جاك وشعر بالخوف والأسف حينما وجد نفسه بين براثن العملاق بلوندريور .
وحينما وصلا إلى القلعة رأى جاك منظر بشع لجماجم وعظام الرجال والنساء تغطي أنحاء القلعة ، ودخل به العملاق إلى غرفة وضع بها قلوب وأطراف الأشخاص الذين قتلهم مؤخرًا ، وقال لجاك بنظرة صارمة وهو ينزله من على كتفه : ما أطعم قلوب الرجال ، إنها رائعة مع الفلفل والخل انها أجمل طعام أتناوله ، وقلبك سيكون وجبة لذيذة أيها الفارس الصغير ، قال هذا وأغلق الباب على جاك ، وذهب لجلب عملاق أخر يعيش معه بنفس القلعة ليستمتعا سويًا بالعشاء اللذيذ .
في تلك الأثناء سمع جاك صراخ وعويل يأتي من أجزاء مختلفة بالقلعة ، وبعدها بدقائق سمع صوت حزين يقول : أيها الفارس الشجاع أسرع وفر بعيدًا حتى لا تكون فريسة لذلك العملاق ، فحينما يعود سيأتي بشقيقه وهو أكثر وحشية منه ، سوف يعذبك قبل أن يقتلك ، أسرع بالهرب من هنا على الفور .
حينها تذكر جاك سيفه الذي منحه له القضاة ، فاستله وقطع الحبال التي قيده بها العملاق واختبئ حتى ظهر العملاق الأول فقتل بالسيف وبعدها فعل مع العملاق الثاني مثلما فعل بشقيقة ، وبحث عن مفاتيح القلعة في جيب العملاق بلوندربور .
وذهب يبحث عن مصدر الصوت الذي سمعه ، فعُثر على ثلاث سيدات مربوطات بشعر رؤؤسهن ، ولم يذقن الأكل منذ أيام بعد أن قتل العملاق أزواجهن ، فطمأنهم جاك وقال لهم : لا تقلقوا لقد وضعت حدًا للعمالقة وقتلتهم جميعًا ، وتلك القلعة هدية لكم خذوا مفاتيحها واستمتعوا بثرواتها .
لم يأخذ جاك شيء من ثروات العمالقة لنفسه ، وأكمل رحلته إلى ويلز بأسرع وقت وعندما حل الليل كان جاك قد وصل إلى واد وحيد بين اثنين من الجبال الشاهقة ، وظل سائرًا لعدة ساعات دون أن يرى أي منزل ، وبعد فترة لاح له من بعيد منزل كبير ففرح جدًا ، وذهب إلى البوابة وأخذ ينادي أصحاب المنزل بصوت عالٍ .
وكانت المفاجأة حينما وجد عملاق وحشي يفتح له الباب ، فتظاهر جاك أنه تائه وطلب مساعدة العملاق ، فاستضافه العملاق في بيته وأوصله إلى غرفة يرتاح بها ، لم يلبث جاك في العملاق ويلز وجاء بكومة من الخشب ووضعها في سريرة وغطاها ، واختبأ خلف الخزانة ، وفي الليل سمع وقع أقدام العملاق ، فنظر من بعيد فإذا به يرى العملاق ومعه مطرقة يهوي بها على سريره ظنًا منه أن جاك نائم به .
وبعدما سمع العملاق صوت انكسار الخشب ظن أنها عظام جاك ، فغادر إلى غرفته ونام وفي الصباح استيقظ العملاق وجلس على مائدة الطعام ، واندهش حين رأى جاك واقفًا أمامه يلقي التحية ، فسأله هل نمت جيدًا بالأمس فقال جاك : نعم جيد جدًا وجلس يتناول الإفطار مع العملاق .
فتعجب العملاق وسأله ألم تشعر بأي شيء بالأمس ؟ فقال جاك : فقط بعض الجرذان خبطتني وأنا نائم بذيلها ، فتعجب العملاق من قوة جاك ، كيف يشعر أن ضربة مطرقة كضربة جرذ ، وأراد جاك أن يكمل حيلته فادعى القوة أمام العملاق وحاول أن يبين له أنه يأكل أكثر منه ، فوضع في ملابسه حقيبة وأخذ يسقط فيها الطعام الذي يتناوله ، فيظن العملاق أنه يأكل بنهم .
وبعدها قال جاك للعملاق : أنا استطيع أن أخلع رأسي وأعيدها ثانية على كتفي ، وأبقر بطني فيخرج الطعام من معدتي وأغلقها ثانية ، وسأثبت له صدق قولي ، وعلى الفور أمسك جاك السكين وبقر الحقيبة فخرج منها الطعام ، وبعدها ظل حيًا ليس به شيء ، فاغتاظ العملاق وأخذ منه السكين ووضعه في بطنه ، فسقط قتيلًا على الفور ، وهكذا استطاع جاك بذكاء أن يقتل العملاقة الأربعة ، ويمضي في رحلته إلى الملك أرثر بسلام