كان هناك زوج من طيور التتيبها تعيش علي شاطئ البحر ، وكانت الطيور الإناث ينتظرن وضع البيض حتى يقمن على تربية الأطفال ، وحينما جاء الموعد المنتظر لوضع البيض ، طلبت الزوجة من زوجها البحث عن مكان أمن لوضع بيضها قائلة : يا عزيزي من الممكن أن يكون هناك مكان أفضل من هذا الشاطئ لوضع البيض .
هلا بحثت عن مكان أمن بالنسبة لنا كي أضع فيه البيض ؟ إن موجات البحر في الليالي القمرية تأتي عالية ، وقد يكون في هذا خطر على أبنائنا ، لذا حاول أن تبحث عن مكان أمن من موجات البحر قبل أن يحين وقتها يا عزيزي .
ضحك ذكر التتيبها وأصر علي أن البحر لن يجرؤ علي القيام بأي ضرر لأطفاله ! ، وقال لها : لا تخافين دون داع وضعي البيض هنا دون قلق ، وأثناء ذلك كان البحر يسترق السمع إلى هذا الحديث ولم يتوقع هذه الوقاحة من طائر صغير كطائر التتيبها .
وقرر البحر حينها أن يسلب بيضة من البيض الذي ستضعه أنثى التتيبها لمعرفة ما سيفعله ذكرها المتعجرف ، وفي غضون أيام قليلة وضعت أنثى التتيبها بيضها علي شاطئ البحر ، وبعد وقت قصير ذهبا بعيدًا للبحث عن الطعام ، فبدأ البحر في صنع موجاته العالية حتى ابتلع بعض البيض .
وحينما عادا في وقت لاحق إلى العش وجداه فارغًا ، فبدأت الأنثى تبكي بمرارة وقالت لذكرها : انظر لنفسك إن موجات البحر قد ابتلعت بيضنا ، أنت أحمق لا تسمع إلا صوت نفسك فقد طلبت منك إيجاد مكان أمن ولكنك لم تبالي .
رغم كل ما حدث ظل طائر التتيبها الذكر مستمر في غبائه : وقال عزيزتي لا تقلقي سأثبت لكي كيف أستطيع أن أجفف البحر وارغمة علي إعادة بيضنا مرة أخرى ، فتعجبت الأنثى وتساءلت كيف يمكن أن يستطيع تجفيف هذا البحر الهائل ؟
فشرح الذكر وجهه نظره قائلًا : حتى الكائنات الصغيرة يمكنها التغلب علي أقوى المعارضين ، إذا كانوا متحمسين لذلك ولهذا سأخطط لتجفيف البحر سعيًا للانتقام منه .
واستدعى الذكر جميع الطيور وعلى رأسهم البجعة والطاووس لمساعدته ، فأجمعوا علي أن المهمة مستحيلة ، وقالوا له : ليس هناك فائدة في هذه المراوغات ، فمن المستحيل علينا امتصاص البحر وتجفيفه تمامًا .
واقترحوا عليه أن يشتكوا لملك الطيور عندهم ، وهو الملك غارودا كما تقول الأسطورة الهندوسية ، فقالوا لما لا نشتكي إليه أننا تعرضنا لمضايقة البحر ونستمع له ونطلب نصحه ، وبالفعل ذهبوا إلى ملكهم غارودا وقالوا له : يا ملكنا العادل لقد سرق البحر بيض طيور التتيبها ، وإذا استمر في فعل ذلك سنهلك وسيهلك بيضنا ، لذا جئنا إليك نطلب منك العون والمشورة .
أدرك غارودا أن الطيور في محنة كبيرة ، وطلب من الرب فينشو المساعدة وأخبره أنه يحتاجه في مهمة إلهية ، حيث أن البحر اعتدي علي الطيور وأخذ بيضهم ، وهو طلب منه أن يرجع بيض طيور التتيبها إليها ليعم السلام في المملكة .
وشرح الملك غاردوا للرب فينشو ما يفعله البحر مع الطيور الضعيفة ، وأن البحر بهذا يهين الإله فينشو وهذا لا يصح ، وطلب منه أن يجبره علي أن يرجع البيض للطيور مرة أخرى حتى تسعد الطيور ويتأدب البحر .
وبعدها ذهبت الطيور جميعا إلي الشاطئ ؛ حيث سمعوا جميعًا توبيخ الرب فينشو للبحر علي ما فعل ببيض التتيبها ، وظلوا ينتظرون بفارغ الصبر عودة البيض ، وأخذ الإله فينشو صاعقة في يده مهددًا بها البحر لكي يعيد البيض وإلا سيواجه غضبه .
وعندما سمع البحر التحذير من الرب فينشو كان مرتعبًا ، وأعتذر عما بدر منه وأعاد البيض على الفور إلي طيور التتيبها ، والحكمة من تلك القصة تقول لا تقلل من قوة العصفور ، فأي كائن حي مهما صغر حجمه لديه قوة كبيرة منحها الله له لكي يستغلها فيما ينفعه .