كان هناك أرنب وأرنوبه يعيشان سويًا في منزل صغير بإحدى الغابات ، ومرت الأيام وحملت أرنوبه ، وبدأ الاثنان سويًا في بناء العش الصغير حتى تلد فيه أرنوبه ، ومضى شهر كامل وولدت أرنوبه خمسة أرانب صغيرة ، وفرحا بميلاد أطفالهما وأخذا يرقصان ويغنيان ، وبدأت أرنوبه ترضع الأطفال الصغار كل يوم ، أما أرنب فقد كان يجمع لها البرسيم والأعشاب ؛ لتأكل وتستطيع أن ترضع صغارها.
ومضت الأيام وبينما كان أرنب ذاهبا لجمع البرسيم ، إذ وجد أرنبا أخر يجلس وحيدًا يبكي ، فاقترب منه أرنب وقال له ماذا يبكيك يا صديقي ؟ قال الأرنب الثاني في حزن ظاهر : إن زوجتي قد داهمها المرض وماتت ، ولدي ثلاثة أطفال صغار كانوا يرضعون منها ، واني أخاف عليهم أن يموتوا جوعًا ، كان الأرنب الأول طيب القلب يحب عمل الخير .
فأخذ يفكر في حل لصديقه وقال بعد برهة : اسمع يا أرنب إن زوجتي قد ولدت منذ أيام قليلة ، وإنها زوجتي طيبة القلب ، فإذا شرحنا لها ما حدث لزوجتك ربما قد يرق قلبها فترضع أطفالك معها .
فرح الأرنب الثاني وقال : هيا إذن نجري إليها ، فإن أطفالي يشعرون بجوع شديد واخشي أن يحدث لهم مكروه ، وفعلًا توجها إلى أرنوبه وشرحا لها ما حدث ، وتأثرت أرنوبه وأخذت تبكي وقالت لهما : أسرعا بإحضار الأطفال الصغار ، وفعلًا أسرعا بإحضار الأطفال الصغار ، وأخذت أرنوبه ترضع الأطفال الصغار واتخذتهم أطفالًا لها.
لم يكن الأطفال الصغار فرحين بوجود صغار غرباء عليهم ، فقالوا للأم : كيف يا أمي ترضعين آخرين يشاركوننا في الطعام ! إننا لا نحب أن يكونوا معنا ، قالت الأم : يا أطفالي إن أمهم قد ماتت ولم يعد لديهم أم ترضعهم ، وإن ما نفعله خيرًا سوف يجزينا الله عليه خيرًا ، ومرت الأيام ولكن الأطفال الصغار كانوا دائمًا في شجار مع إخوتهم ، ولم تكن الأم سعيدة بهذا الشجار الدائم بينهم ، أما الأخوات الأشقاء فكانوا يلعبون دائما مع بعضهم ، ويتركون الصغار الآخرين وحدهم.
وفي يوم خرج الإخوة الأشقاء يلعبون في الغابة ، في حين ظل الإخوة الغرباء في المنزل ، وظل الإخوة الصغار منهم يلعبون خارج المنزل ، وتوغلوا في الغابة كثيرًا ، ورأي الصغار حقلًا كبيرًا للبرسيم يحيط به سور من كل جانب ، وكان للحقل باب صغير ، وكان هذا الحقل فخًا قام بعمله الثعلب المكار حتى تدخل فيه الأرانب ، فيقفل عليهم الباب ويأكلهم .
ولم تكن الصغار تعرف مكيدة الثعلب فدخلت تمرح وتأكل حتى أحس الثعلب بهم ، فجري ورائهم وأمسك بهم ووضعهم في قفص صغير من الخشب ؛ ليأكلهم حين يجوع وأخذت الصغار تبكي ، وندموا أشد الندم علي تركهم المنزل ، ومضى يوم كامل ولم تعد الصغار إلى المنزل ، فأحس أرنب وأرنوبه بالخوف علي صغارهما .
وفي اليوم التالي لم تستطيع أرنوبه الصبر علي غيابهما ، فقالت لأرنب : هيا بنا نذهب للبحث عن صغارنا ، فأنا خائفة عليهم ، قال الأرنب : هيا بنا ، وقال لبقية الصغار الذين ماتت أمهم : انتظروا أنتم هنا ولا تبرحوا المكان حتى نأتي إليكم ، خرجت أرنوبه وزوجها أرنب ؛ ليبحثا عن الصغار ومضت فترة طويلة ، ولم يحضر أرنب وأرنوبه إلى المنزل.
قال الصغار : لا يمكن أن نمكث هكذا في المنزل وإخوتنا الصغار في خطر ، لابد أن نبحث عنهم وخرجوا بالفعل يبحثوا عن الصغار ، وبعد ساعات اهتدوا إلى حقل البرسيم وقال احدهم : لابد أن إخوتنا هنا ، ورأى أحدهم الثعلب المكار ، فقال أحدهم : دعونا ننتظر إلى الليل لندخل ، ولكنهم قالوا سيقفل الثعلب علينا الباب ويأكلنا ، فاقترح أخر بأن يصنعوا نفق تحت الأرض حتى لو رآهم الثعلب فروا إليه ، فوافق الجميع وانتهوا منه ليلًا ودخلوا ورأوا أخواتهم في القفص .
فاقترح أحدهم بأن ينتظروا إلى أن يفتح الثعلب القفص فيقرضوا ذيله ويهربوا إلى النفق ، وبالفعل حدث ذلك وأخذوا أخواتهم من النفق وهكذا هربوا جميعًا من مخالب الثعلب ، التقي الأرانب جميعًا في الغابة وحمدوا الله علي نجاتهم ، وشكرت الأرانب إخوتهم الغرباء علي مساعدتهم لهم ، وعادوا جميعًا إلى المنزل وعاشوا سعداء محبين لبعضهم البعض مع والديهما ، ولم يعرفوا الشجار بعد ذلك.