يحكي أنه ذات يوم في مكان جبلي منعزل ، كان هناك وادي خصيب بين الصخور ، وكان يمر بهذا الوادي نهر يتدفق من بين الصخور ، وكانت حين تتلألأ أشعة الغروب الذهبية على سطح النهر ، يبدو ماء النهر كأنه سلاسل ذهبية ، لذلك أطلق عليه الناس اسم النهر الذهبي ، وكانت جميع الأراضي التي على جانبي النهر مملوءة بأجود المحاصيل ولذلك أطلق على هذا المكان وادي الكنوز .
ولكن تلك الأراضي كانت ملكًا لثلاثة من الأخوة هم نعمان ورسلان وشهاب ، كان الأخوين الكبيرين نعمان ورسلان شريران ، برغم أموالهم الكثيرة لم يحسنا أبدًا إلى الفقراء ، حتى أنهم قد قتلوا كل البلابل والطيور التي كانت تعيش في الوادي حتى لا تأكل من محاصيلهما ، وقد جعلا أخوهما الصغير شهاب خادمًا لهما .
كان شهاب عكس أخويه طيب القلب ، ويحب مساعدة الآخرين كما كان يحب الحيوانات والطيور التي تعيش في وادي الكنوز ، ولكن أخويه كانا يقومان بضربه إذا قام بمساعدة أحد .
وذات يوم ضرب جفاف شديد كل أراضي القرى المجاورة لوادي الكنوز ، فماتت كل المحاصيل وأصاب الناس الجوع ، فقصدوا نعمان ورسلان حيث أن محاصيلهما كانت قد نجت من الجفاف بفضل النهر الذهبي .
ولكن نعمان ورسلان استغلا حاجة الناس وباعوا محاصيلهما بأضعاف ثمنها ، أما الفقراء الذين لا يملكون المال فقد قاما بطردهم دون أن يعطوهم أي شيء ، وفي المساء خرج نعمان ورسلان من المنزل ، حذرا شهاب أن يدخل أي أحد إلى المنزل .
طرق باب المنزل ففتح شهاب الباب فوجد قزمًا غريب الشكل مبتل تمامًا بسبب المطر ، فقام شهاب بإدخاله إلى المنزل حتى تجف ملابسه ثم ينصرف قبل عودة أخويه ، طلب القزم من شهاب الطعام خشي شهاب في البداية من أخويه ، ولكنه قال للقزم سأعطيك نصيبي من الطعام حتى لو ضربني أخوتي .
بينما القزم يأكل حضر الأخوين ، وقاما بطرد القزم وضربا شهاب ، ثم التهما طعامهما ودخلا ليناما ، وفي الصباح كانت المفاجئة ، لقد جرفت مياه السيول كل المحاصيل ، ودمرت المخزن وجرفت كل ما فيه من زرع وأموال وذهب .
أصبح نعمان ورسلان فقراء لا يملكان أي شيء ، فأجبرا أخوهما شهاب على النزول للعمل ، فعمل شهاب عند أحد الصاغة ، وفي المساء جلس أمام باب المنزل يتأمل النهر الذهبي ، فوجد القزم الذي زاره في السابق يقف بجواره .
قال له شهاب أهلًا بك أيها القزم ، إنني للأسف لا أملك شيئا لأعطيه لك فكل المال الذي كسبته قد استولى عليه نعمان ورسلان ، فقال له القزم لا تحزن أيها الولد الطيب أنا هنا لأعطيك لا لأخذ منك ، أذهب إلى قمة الجبل وخذ معك ثلاثة قطرات من الماء النظيف وألقيها في النهر فيتحول إلى ذهب ، ولكن أحرص على أن يكون الماء نظيفًا وإلا ستتحول إلى صخرة سوداء .
سمع نعمان ورسلان كلام القزم ، فقررا الذهاب إلى قمة الجبل ليحصلا على الذهب وبالفعل أخذا بعض الماء العذب والطعام وتسلقا الجبل ، ولكن الجبل كان عالي والطريق وعر وطويل ، وأثناء سيرهما وجد الأخوين طفلًا صغيرًا يبكي ويطلب منهما شربة ماء ، نظر له الأخوين بضيق وتركاه وأكملا طريقهما ، وبعد فترة وجدا رجلًا عجوزًا يكاد يموت من العطش يمد يده لهما ، فقال له رسلان أنت رجل عجوز وفي كل الأحوال ستموت ، وانصرفا حتى وصلا إلى قمة الجبل ثم قاما بإلقاء القطرات الثلاثة في النهر ، لكنهما تحولا إلى صخرتين .
شعر شهاب بالقلق على أخويه فقرر الذهاب للبحث عنهما ، وفي الطريق وجد رجلًا عجوزًا يطلب الماء ، فأعطاه شهاب جرة الماء وطلب منه أن يترك له بعض الماء ، لكن الرجل شرب معظم الماء في الإناء وترك بضع قطرات .
بعد قليل شعر شهاب بالعطش ولكنه خاف أن يشرب من الجرة ، فلا يتبقى معه قطرات ليلقيها في النهر ، ولكن مر به كلبًا يلهث من العطش فأعطاه شهاب الجرة ليشرب ما فيها ، ولكنه تحول ليصبح القزم ، قال له شهاب اين ذهب نعمان ورسلان فقال القزم لقد تحولا إلى صخور ، فقال شهاب لكنهما أحضرا ماءًا نقيًا .
فقال له القزم لم يكن مائهما نقيًا لأنهما رفضا أن يسقيا العطشانين ، هيا يا شهاب أذهب وألقى هذه القطرات في النهر ، وبالفعل فعل شهاب ثم عاد إلى وادي الكنوز فوجد كل أراضيهم قد أخضرت من جديد وعاد الخير يملأ المكان ، فعرف شهاب ماذا كان يقصد القزم حين قال أن النهر سيتحول إلى ذهب .