كانت هند طفلة صغيرة ، أصغر من في البيت ، كانت أصغر من أخيها بكثير ، وأصغر من أختها ، وأصغر من أمها ، وأبيها بكثير جدًا جدًا ، وكان الجميع يحبها ويخاف عليها لأنها صغيرة ، ولكن هند كانت تعتقد أنها ما دامت صغيرة ، ولا تفعل ما يفعله الكبار ؛ فإنها ليست مهمة .
وفي أحد الأيام قررت الأسرة : الأب والأم والأخ الكبير ، والأخت الكبيرة أن يأكلوا سمكًا ، فقالت أختها الكبيرة : يحلو تناول السمك دائمًا مع السلطة ، سأذهب إلى السوق وأشتري خضروات من أجل السلطة .
فقالت هند على الفور : سآتي معك إلى السوق لنشتري السلطة ، ولكن أختها قالت : لا يا هند ، أخاف أن أنشغل عنك بالشراء ، وتضيعي مني في السوق وسط الزحام ، فأنت لا تزالين صغيرة.
غضبت هند ، وصمتت ، وقالت لنفسها : أنا صغيرة ، ولست مهمة مثل أختي ، لا أستطيع شراء مكونات السلطة ، وبعد قليل قال الأخ الكبير : أما أنا سأذهب ، وأصطاد السمك ، فابتسمت هند وقالت : إذن سآتي معك ، وأصطاد السمك.
فقال لها أخوها الكبير : لا يا هند ، سأنشغل عنك بصيد السمك ، وأخاف أن تسقطي في الماء ، وتضيعين مني ، فأنت لا تزالين صغيرة ، فصمتت هند وهي حزينة ، وقالت لنفسها : طبعا لأني صغيرة لن تأخذني أختي معها إلى السوق ولن يأخذني أخي معه إلى الصيد ، فأنا لست مهمة مثلهما.
وبعد قليل قالت الأم : علي أن أعد الخبز ، فسارعت هند بالقول : أمي هل من الممكن أن أساعدك ، وأخبز معك الخبز ؟ طبطبت أمها على كتفها وقالت : لا يا حبيبتي أخاف عليك من نار الفرن ، وأنا سأكون مشغولة عنك بعمل الخبز ، فأنت لا تزالين صغيرة.
ابتعدت هند ، ولست وحيدة وقالت لنفسها : أنا صغيرة ولست مهمة ، لا أقدر على عمل أي شيء ، لا استطيع شراء مكونات السلطة ، ولا أستطيع صيد السمك ، ولا حتى عمل الخبز ، ثم وقفت ، وبسطت ذراعيها ، وقالت لنفسها : هم كبار يستطيعون عمل أشياء كثيرة ، فهم مهمون ، أما أنا فلا : أنا لست مهمة ، ولا أستطيع عمل شيء .
وحينها رأى الأب هند ، وهي حزينة يبدو عليها الغضب ، فابتسم وقال لها : ما رأيك في أن نذهب لشراء الملح والليمون معا ؟ قفزت هند فرحًا ، وقالت : هيا بنا ، حملها الأب بين يديه وذهبا معا لشراء الملح والليمون ، عندما اشترى الأب الملح وجد أن يديه مشغولتان بحمل طفلته الجميلة ، فمد يده لها بالملح ، وقال : هل من الممكن أن تحملي الملح بيديك ؟
فأخذت هند الملح من أبيها ، وحملته بيديها ، ثم اشترى الأب الليمون ، وطلب منها أن تحمله ، فوضعته في جيوبها ، ثم عاد الاثنان معا إلى البيت ، وعاد الأخ بالسمك فطهته الأم وعادت الأخت بمكونات السلطة ، وصنعتها بنفسها.
ثم جلس الجميع على المائدة لأكل السمك اللذيذ ، وقال الأخ : ولكن أين الملح والليمون ؟ فقالت هند بلهفة : إنهما معي. لقد أحضرتهما مع أبي ، وحملت الملح بيدي ، ووضعت الليمون في جيوبي.
فابتسم الأخ ، وأخذ منها الملح ونثره على السمك ، وعصر الليمون على السلطة ، وأكلوا معا أكلة شهية ، وقالت هند لنفسها : أنا مهمة ، فقد حملت الملح والليمون ، وبدونهما لا يأكل السمك .