كان في قديم الزمان راعي غنم ، يعيش في أحد البلدان وفى يوم من الأيام ، وبينما الراعي جالساً للاسترخاء ، أسفل الشجرة جاء إليه قوم من الرجال المسافرين ، يطلبون منه إرشادهم ، لمكان فندق ليستريحوا فيه من تعب السفر .
ولكن لم يكن في تلك البلدة ، أي فنادق فعرض الراعي على الرجال ، أن يمكثوا لديه في المنزل للراحة ثم مواصلة السفر ، ودعا الراعي الرجال لتناول العشاء في منزله ، والمكوث حتى الصباح .
وعاد الراعي من المزرعة ، وأخبر زوجته بأنه سيكون في ضيافته ، مجموعة من الرجال الرحالة ، وما أن علمت زوجته بعددهم الكثير ، حتى غضبت من زوجها ورفضت استقبالهم وأخبرته انه ليس لديها طحين ، كافي لخبز كمية من الخبز لهم ، بكت الزوجة وقد كان لديها سبب للبكاء ، فقد كان زوجها فيما مضى أغنى رجل في البلدة ، حتى أن زوجته ظنت إنها محظوظة بزواجها منه ، ولكن كان هذا الراعي لطيفاً وكريماً للغاية ، فكان يقيم الحفلات والولائم كل يوم .
بل وكان يدعو الفقراء والمساكين إلى منزله ، وكان يقيم لهم حفلة عشاء كبيرة ، بل وكان يعطيهم الكثير من الأموال والمجوهرات ، وانتشرت أخبار الراعي في كل أنحاء البلد ، فجاء الناس أمام داره طالبين المال والمجوهرات .
ولا عيب أن يكون الراعي رجلاً كريماً ، لكن عليه آلا يبالغ في ذلك ولكن سرعان ما نفذت كل ثروته ، وأصبح أفقر رجل في البلدة بعد أن كان أغنى رجلاً فيها ، بل وما أقسى الناس فلم يزوره أحدًا ، عندما خسر كل أمواله .
وفى أحد الأيام وكعادته نام الراعي أسفل شجرة في الغابة ، وشبت نيران في الغابة فأستيقظ الراعي ورأى نيران ، تلتهم الأشجار فركض يحاول الهرب ، وبينما يركض حدق الراعي ، فرأى ثعباناً تحيط به النيران.
قرر الراعي مساعدة الثعبان ، وإنقاذه من النيران المحيطة به ، فتسلق أحد الأشجار ومد بعصاه إلى الثعبان ، حتى يتسلقها وأستطاع الراعي أن ينقذ الثعبان ، فشكر الثعبان الراعي لتعاونه ، وإنقاذه له .
وطلب منه أن يذهب معه إلى قصر الثعابين ، لمقابلة والد الثعبان الذي سيقدم له مكافأة على انقاذه لولده ، فسار الراعي مع الثعبان حتى وصلا إلى شق صغير ، تحت الصخور وزحف داخل الشق تابعاً الثعبان.
وصل الراعي إلى قصر الثعابين ، ورأى حشد كبير من الثعابين تصطف على الجانبين ، وبينهما يجلس كبير الثعابين على كرسي ذهبي ، فشكر كبير الثعابين الراعي على إنقاذه لحياة ابنه .
وطلب من الراعي أن يطلب ما يريد ليقدمه له ، تعبيراً عن امتنانه لما فعله له ، فطلب منه الراعي أن يجعله يفهم لغة الحيوانات ، وبالفعل حقق له الثعبان تلك الأمنية ، وجعله يفهم لغة الحيوانات ، لكن حذر الراعي من إفشاء ذلك السر ، وإلا ستنتهي حياته فوافق الراعي .
ورحل من قصر الثعابين وعاد في طريقه إلى منزله ، فرأى غرابان يتحدثان معاً ، وكان احدهما يخبر الاخر ، برؤية رجل يحفر أسفل شجرة مجاورة ليضع كنز ، فأسرع الراعي مكان تلك الشجرة ، وحفر فوجد الكنز المدفون ولم يصدق نفسه فأخذه ، وكان سعيداً للغاية .
عاد إلى زوجته وتنكر لطريقة حصوله على تلك الكنوز ، وأخبرته زوجته إنها ستتولى هي أمر إنفاق تلك الأموال والكنوز ، لأن زوجها كان مبذراً وكانت زوجته مدبرة ، وحولت بيت الراعي الفقير إلى منزلاً فخماً .
وفى يوم من الأيام ذهب الراعي مع زوجته إلى السوق ، وفي العودة تكلم حصانه للحصان الذى كانت تركبه زوجته ، وطلب من الإسراع في السير ولكنه أخبره بأن زوجة الراعي حاملاً ، ولا عليه أن يسرع بالسير بها لئلا تسقط على الأرض .
وفهم الراعي الحوار الذي دار بين الحصانين ، وفرح بذلك الخبر السعيد الذي خبأته عنه زوجته ، اندهشت الزوجة من معرفة الراعي بشأن حملها ، وألحت عليه لمعرفة كيف عرف ذلك ، لكن حاول الهرب منها .
وأخبرها إن اعترف بذلك السر ستنتهي حياته ، ولكنها أصرت على معرفة ذلك السر ، فصنع الراعي لنفسه تابوتاً جميلاً من الخشب ، وبينما في طريقة للعودة إلى المنزل لإخبار زوجته بالسر ، قابل ديكاً كان يصيح ، ويقول لباقي الحيوانات : مسكين هذا الراعي فقد سيدفع حياته ، ثمناً لإرضاء زوجته الانانية .
فكر الراعي في كلام الديك ، وشعر بغيظ حيال ما كان سيفعله فعاد إلى منزله ، وسأل زوجته : هل تريدين أن ادفع حياتي ثمناً لمعرفتك ذلك السر ؟ ، ردت زوجته : نعم فذلك لا يهم ، فغضب الراعي من زوجته وتركها ، ورحل عن المنزل ليعيش وسط الحيوانات ، وقد أصبح يفهم لغتهم .