كان الثعلب يطوف في الغابة ، ويقول بصوت مرتفع : رائع أنه شيء رائع ، فوقف النسر على الشجرة عاليًا، وتساءل : أيها الثعلب لماذا تصيح عالياً ، في ذلك الوقت الباكر ، ولم تشرق الشمس بعد ، فقال الثعلب : لقد وضعت زوجتي للتو ، مولوداً صغيراً هيا تعال انظر له ، كم هو جميل .

هنأ النسر صديقه الثعلب على مولودة الجديد ، وسأله عن اسمه لكن لم يكن الثعلب قد لقبه أي اسم بعد ، فطلب من صديقه النسر أن يقترح له اسماً مناسباً ، فوافق النسر على تسمية مولود الثعلب ، وظل يفكر في اسم له حتى أشرقت الشمس ، وبثت نورها على الغابة ، فأقترح النسر على الثعلب تسمية مولودهم نور .

فرح الثعلب وزوجته وشكر النسر ، على الاسم الجميل وقالا له : هذا اسم جميل وسيكون هذا المولود نورنا حقاً ، وشعر الثعلب أنه محظوظ بأن لديه صديق مثل النسر ، وشكر الثعلب الله على ما وهبه من زوجة رائعة ، ومولود جميل ونسر صديق .

ومع اشتداد حرارة الشمس طار النسر ليبحث عن طعام لنفسه ، والنسر طائر نظره حاد يرى ما على الأرض من الأعالي ، وفيما هو يحلق رأى سنجاباً صغيراً ، فهبط لاقتناصه ولكن بينما النسر يهبط ، سمع طلق ناري من بندقية الصياد كادت تصيبه .

فطار بعيداً وتمكن من الهرب وعاد إلى مسكنه ، أعلى الشجرة وعندما رأى الثعلب صديقه النسر قد عاد ، سريعاً فسأله : ما الأمر ؟ هل حدث شيء ؟ ، فرد النسر : لقد رأيت صياد بالجوار ، وحاول أطلاق النار نحوي ، فقال الثعلب في حزن : يا للويل ، فعلي أن أخرج ابحث عن طعام ، لولدي الصغير وإلا سيموت جوعاً .

طلبت زوجة الثعلب منه عدم الخروج ، حتى يحل المساء ويرحل الصياد لئلا يصيبه ببندقيته ، لكنه رفض أن يترك طفله دون طعام ، وقرر الخروج للبحث عن طعام ، وأوصى زوجته أن تعتنى بالثعلب الصغير ، حتى يعود عند الغروب ، وسار الثعلب بحذر في الغابة ليبحث عن طعام لأسرته .

مع اشتداد حرارة الظهيرة زاد شعور النسر بالجوع ، إلا أن صورة الصياد وهو يحاول اقتناصه لا تكاد تفارقه أبداً ، فخاف النسر وقرر عدم الطيران ثانية للبحث عن الطعام ، وظل النسر ينظر إلى صغير الثعلب ، وهو يلعب ويمرح وأمه تراقبه بفرح وحنان ، ولم تفارق عينا النسر الثعلب الصغير وهو يلعب .

وفجأة اختفى الثعلب الصغير بين الأشجار ، ولم تعد تراه أمه فلمعت فكرة في عقل النسر ، فحلق هابطاً نحو الثعلب الصغير ، وأمسك به ورأته أمه وحاولت حمايته ، لكن قام النسر بإصابتها مما فقدت وعيها ، وسقطت على الأرض وصعد النسر على الشجرة ، والتهم الثعلب الصغير .

بعد ساعات عاد الثعلب الأب ، وهو يحمل الطعام لأسرته ، وما أن اقترب من مسكنه حتى رأى زوجته مستلقية على الأرض ، ركض نحوها وكانت قد فقدت وعيها ، فأسرع نحو مسكنه ، ولم يرى مولودة الصغير فأستنجد بصديقه النسر ، فرآه يلتهم الثعلب الصغير وعلى فمه آثار منه .

نظر الثعلب نحو النسر ، وقال له : لماذا فعلت ذلك ، فنحن أصدقاء كيف فعلت ذلك ؟ ، فأجاب النسر وقال : لو كنت مكاني ، لفعلت نفس الشيء إنه الجوع ، فصاح الثعلب : أتركني الآن أنت ليس صديقي ، فرد النسر وقال : لا بل أنت من عليك مغادرة المكان ، لأنى وجدت مسكني في تلك الشجرة من قبلك ، وأنت من لحق بي إلى هنا .

بكى الثعلب وقال للنسر : يا لك من خائن سأنتقم منك ، وحاول الثعلب الصعود على الشجرة لكن لن يتمكن من ذلك ، فحرك النسر جناحه ، وضحك بسخرية وقال : لن تستطيع الانتقام مني ، فأنا أستطيع أن أحلق عالياً ، ولن تمسك بي أبداً .

وبينما كان النسر يحرك جناحيه مختالاً بقوته ، أقترب الصياد من المكان ، ورآه فصوب بندقيته نحوه ، فأصابت رصاصته النسر وسقط قتيلاً على الأرض ، فأسرع نحوه الصياد وحمله ورحل ، وهكذا نال النسر الخائن عقابه ، بعد أن تخلى عن صديقه ونسى المودة التي كانت بينهما .

By Lars