في قديم الزمان ، كان هناك ملك من الملوك يعيش في قصر كبير ، وكان أمام قصره دكان صغير لشاب خياط ، وكان الملك يضايقه وجود هذا الدكان الصغير أمام قصره ، ويرى أن هذا الدكان يشوه جمال القصر ، ويتمنى أن يزال الدكان من مكانه ، ولكنه كان يخشى أن يلومه أهل المملكة ، ويقال أنه ظلم رجلًا فقيراً وحرمه من دكانه ومصدر رزقه.
استدعى الملك وزيره ، وقال له : دبرني يا وزيري ، ماذا أفعل لا أريد أن أرى دكان الخياط أمام قصري ، ولو أمرت بإغلاقه ، سيغلق فأنا الملك ، ولكن الناس سيقولون أن الملك ظلم رجلًا مسكينًا فقيرًا ، وهذا ليس من طبائع الملوك ، فماذا أفعل ؟ ، كيف أغلق الدكان دون أن أثير كلام الناس ، وملامهم ؟
فكر الوزير ، ثم قال : الأمر بسيط يا مولاي ، في الصباح استدع الخياط ، واطلب منه طلبًا يصعب تنفيذه ، وأمهله ثلاثة أيام ليفرغ منه ، وإذا لم يصنع الخياط ما أمرت به ، تأمر بإغلاق الدكان عقابًا له ، ونام الملك نومًا هنيئًا في تلك الليلة واثقًا من نجاح الحيلة التي اقترحها عليه الوزير.
وفي الصباح أرسل إلى الخياط ليمثل أمامه ، وقال له : لقد رأيتك كثيرًا وسمعت عنك الكثير ، فرد الخياط : أرجو أن تكون سمعت عني خيرًا يا مولاي ، فابتسم الملك وقال : سمعت عنك الخير كل الخير ؛ فأنت خياط ماهر تصنع العجائب ، والقماش يتحول في يديك إلى ما هو أغلى من الفضة والذهب.
قال الخياط : حمدا لله ، وأكمل الملك كلامه قائلًا : في الحقيقة أتمنى أن يكون عندي قفطان ليس عند أي ملك أخر في هذا الزمان ، من أجل هذا فقررت وقررت ألا يكون القفطان مصنوعًا من أي قماش ، سأعطيك حجراً أبيض مثل القمر ؛ لتصنع لي منه قفطانا ، فتعجب الخياط ، وقال في نفسه : ما هذا الكلام ؟ ، هل يعقل أن يصنع قفطان من حجر أبيض ؟ كيف يكون هذا .
وأعطى الملك الخياط الحجر ، وقال له : أمهلك ثلاثة أيام ، وإن لم تأتني بالقفطان ، تكون عصيت أمري ، ويكون جزاؤك إغلاق الدكان ، فأخذ الخياط الحجر الأبيض ، وعاد إلى دكانه مهمومًا حزينا يفكر ، كيف سيصنع القفطان من الحجر الأبيض ، وبينما هو جالس مر عليه شيخ عجوز ، فسأل عن سبب ضيقه ، وحزنه ، فقال له الخياط : إن عندي هم مثل الجبال ، ولن يقدر على حمله غيري ، اتركني فيما أنا فيه ، ولا تحمل الهم مثلي .
مر اليوم الأول والخياط لم يفعل شيء ، ومر اليوم الثاني والخياط أيضا لا يدري كيف يكون القفطان المصنوع من الحجر ، وظل على هذا الحال حتى اليوم الثالث ، وكان الرجل العجوز يلاحظ الخياط طوال الثلاثة أيام الماضية ، فذهب إليه ، وقال له : ما بك يا بني أخبرني ، لعلني أستطيع إخراجك مما أنت فيه .
فحكى له الخياط قصته مع الملك ، ففهم الرجل العجوز حيلة الملك ، وقال له لا تقلق يا بني الحل عندي بإذن الله ، فقبط ضع حفنة من الرمل في يدي اليسرى ، وامسك بيدي اليمنى لنذهب إلى قصر الملك ، وبالفعل فعل الخياط كما قال له العجوز ، ولما وصلوا إلى قصر الملك وامتثلوا بين يديه ، قال الملك للخياط بلهجة ماكرة : هل أتممت صناعة القفطان أيها الخياط .
فرد عليه العجوز : أمرك مجاب يا مولاي ، سينتهي الخياط اليوم من القفطان كما أمرت ، ولكنه يحتاج لمزيد من الخيط ، وقد جئنا لهذا الأمر ، فهذه حفنة من الرمل نرجو أن تأتي منها بخيط ليكمل الخياط صناعة القفطان كما أمرت يا مولاي .
تعجب الملك من كلام الرجل العجوز ، وقال له : من يقول أن حفنة الرمل يمكن أن تكون خيطًا ، فقال العجوز ، ومن يقول يا مولاي أن الحجر يمكن أن يصنع منه قفطانا ؟ ، فسكت الملك غيظًا ، ونجا الشاب من مأزقه بحيلة الرجل العجوز ، ومكث في دكانه الصغير أمام قصر الملك الكبير .