كان في قديم الزمان اثنان من الإخوة ، أحدهما يدعى أرثر وهو الأخ الأكبر سناً ، وهو ممتلئ الجسم ويحسن رمي السهام ، والثاني يدعى أريل وهو الأخ الأصغر سناً والأنحف جسماً ، بل وكان ولداً شجاعاً وصادقاً ويحب عمل الخير ، وكانا الاثنان يعملان على صيد حيوانات الغابة .
كان الاخ الأكبر أرثر كسولاً وأنانياً حيث كان يأخذ معظم الصيد ، ولا يترك لأخيه الصغير إلا القليل ، وفي إحدى الليالي حلم أريل حلماً ، وإذ برجل مسن يقابله ويخبره بأن هناك فتاة جميلة ، تنتظره عند ضفاف النهر وطلب منه أن يذهب إليها ويطلب الزواج منها ، فنهض أريل من نومه ، وأسرع نحو آخيه الأكبر ليوقظه وأخبره بالحلم .
كان أريل دائماً يفكر في الزواج ، ولذلك عندما أخبر أخاه أرثر بالحلم سخر منه وضحك ، بل وأخبره أنه الأخ الأكبر ، فعليه هو أولاً أن يتزوج قبله وطلب من أريل أن يمكث في المنزل ، وسيذهب هو إلى النهر لرؤية تلك الفتاة ، ولكن في هذه المرة لم يطع أريل كلام أخيه أرثر ، ونهض خلفه إلى النهر أيضاً .
عند النهر كانت هناك فتاة جالسة ، كما كان الحال في الحلم تماماً وكانت الفتاة في غاية الجمال ، فتقدم لها أريل وطلب منها الزواج ثم تبعه أرثر وطلب منها الزواج أيضاً ، فأجابت الفتاة الجميلة الشابين ، بأنها على استعداد لتقبل طلب زواج أي واحداً منهما ، زوجاً لها بشرط أن يجلب لها الكرة المضيئة ، من قصر رايو الموجود في البحر الشرقي .
ثم أعطت الفتاة لكل منهما مشبكاً للشعر ، له قوة عجيبة وبينما كانا ينظران إلى مشبك الشعر اختفت الفتاة الجميلة ، عاد الشابين مسرعين إلى المنزل ، وجمعا الطعام الموجود في البيت ، ثم ركب أرثر الحصان الوحيد الموجود في البيت ، وقصد قصر رايو أملاً بالحصول على الكرة المضيئة .
وكذلك توجه أريل إلى البحر الشرقي سيرًا على الاقدام ، حاملاً على كتفه زوجاً من الصندل ، بينما سار أرثر عدة أيام على حصانه ولكنه لم يرى البحر الشرقي ، ونفذ تدريجياً كل الطعام الذي جلبه معه ، وفي أحد الأيام وصل أرثر إلى إحدى القرى ، وقد غمرتها المياه وهددت سكانها بالمجاعة .
وعلم من أهل البلدة ، أنه لو تمكن لهم الحصول على الكرة الذهبية ، من قصر رايو لتسربت المياه جميعها إلى الجوف ، فأخبرهم أرثر بقدرته على جلب الكرة من قصر رايو بشرط ، أن يحضروا له ما تبقى لديهم من طعام ، فجمعوا له ما تبقى في القرية من طعام وأعطوه له .
أخذ أرثر ما جمعه من طعام وغادر القرية مكملاً رحلته ، نحو قصر رايو وبعد مرور ثلاثة أيام وصل أريل إلى القرية نفسها ، وعلم أيضاً من أهل القرية بشأن الكرة الذهبية التي أن أحضرها من قصر رايو ، ستنتهى مجاعتهم فركض مسرعاً نحو قصر رايو ليحضر الكرة الذهبية ، التي ستنقذ القرية وأهلها .
وصل أرثر إلى ساحل البحر الشرقي ، ولكن بقي وقتاً طويلاً على الشط ، لأنه لم يمتلك الشجاعة الكافية للقفز في البحر ، وعندما وصل أليه أريل تحدث معه بطريقة متعجرفة ، وطلب منه أن يقفز قبله في مياه البحر الشرقي ، فأمسك أريل بمشبك الشعر العجيب ، وقفز في البحر وإذ به تحيطه كرة هوائية كبيرة ، والتي منعت ماء البحر من ملامسته ، وظل عائمًا في اتجاه قصر رايو وتبعه أخيه أرثر .
وبينما هما يسيران شاهدا قصراً في غاية الروعة والجمال ، واستقبلهما رايو استقبالاً حسناً وصنع لهما وليمة كبيرة ، وقدم لهما الطعام ولم ينتظر الأخ الأكبر طويلاً ، فهجم على الطعام والشراب ، وأخذ يأكل ويشرب .
أما أريل فلم يتذوق الطعام مثلما فعل أخوه أرثر ، لأنه كان يفكر في الكرة المضيئة التي طلبتها الفتاة منه والكرة الذهبية التي ستنقذ القرية من مجاعتها ، وبعد تناول الطعام أخذ رايو ضيفه إلى خزانته .
حيث يوجد الكنز وقد كانت هناك كمية هائلة من المجوهرات ، وأخبرهما بأن باستطاعة كل واحد منهما ، أن يأخذ شيئاً واحداً فتقدم أرثر وكان كل ما يدور في ذهنه ، هو الزواج من الفتاة الجميلة ، فأسرع نحو الكرة المضيئة وأمسك بها ، أما الوعود التي قطعها على نفسه ، لسكان القرية فلم يتذكرها .
أما أريل فتذكر الوعود التي قطعها على نفسه ، لسكان تلك القرية المسكينة فأسرع نحو الكرة الذهبية ، وأمسك بها وترك فكرة الزواج من الفتاة الجميلة ، أما أرثر فهو يطمح للعودة سريعاً إلى تلك الفتاة ، ليقدم لها الكرة المضيئة لتقبل الزواج منه .
ولكن أريل عاد إلى القرية المسكينة ، ويا له من أمر عجيب فقد استطاعت الكرة الذهبية ، مص المياه التي غمرت القرية بالكامل ، ولم يبقى أي اثر لمياه الفيضان ، وبعد أن تدفقت المياه إلى جوف الارض ، وظهرت محارة كبيرة خضراء .
ولم يرى سكان القرية من قبل محارة في مثل حجمها ، وانفتحت المحارة وظهر في بطنها كرة سوداء ، فسأل أهل القرية أريل ما إذ كان يريد تبديل الكرة الذهبية ، بتلك الكرة السوداء ، فوافق أريل وحمل الكرة السوداء ورحل .
كان أريل واثقاً بأنه لن يتمكن من الزواج ، من تلك الفتاة لأنه لم يحصل على الكرة المضيئة ، ولكنه كان راغباً في رؤيتها ، فأسرع إليها أما ارثر فقد وصل لتلك الفتاة ، وقدم لها الكرة لكنها لم تضيء فتعجب كثيراً ، فحاول أرثر حكها لتضيء فانكسرت الكرة ، وخرج منها سائلاً لطخ ثيابه بالأوساخ .
ووصل أريل إلى النهر وعلم بما حدث لأخيه أرثر ، فقدم لها الكرة السوداء هدية لها ، وما أن امسكت به ، حتى تحولت الكرة السوداء إلى الكرة المضيئة ، وشع نور قوي مبهر فقد كانت تلك هي الكرة المضيئة .
ويا لها من دهشة عندما علم أريل ، بأن تلك الفتاة إنما هي ابنة رايو ، وأن كل شيء كان مدبراً ، وذلك من أجل اختيار زوجاً شجاعاً وكريماً ، وهكذا عاش الاثنان حياة كريمة طوال عمرهما .
قصة عالمية من التراث الصيني .