كانت الأسرة رغم بساطة حالها سعيدة مكتفية بما لديه ، تنام ليلها في راحة وتستيقظ في الصباح بكل أمل ونشاط ، مرتبطين جميعهم بحب كبير يسيطر على كل شيء ، يأكلون سويًا ويهتمون لأمر بعضهم البعض ، الأب والأم و الفتاة والصبي ومعهم الجد ، يعيشون ويتشاركون كل شيء .
وكان الأب يعمل كسائق لسيارة خشبية يحمل عليها البضائع من أجل التجار بأجر بسيط ، وكانت الأم تصنع الخبز وتبيعه للجيران ، أما الصبي فكان يهوى تصليح الأشياء ، وكانت الفتاة تحب الرسم كثيرًا ، أما الجد فكان عاشق للقراءة كثيرًا ويقضي معظم وقته في تفحص كتبه .
اقترب العيد وأرادت الأسرة أن تهدي بعضها البعض ، ولكن كانت أحوالهم المالية صعبة فقرروا أن يهدون بعضهم ، الأم تهدي الفتاة ، والفتاة تهدي الصبي ، والصبي يهدي الجد ، أما الجد فيهدي الأب والأب يهدي الأم ، جلس كل فرد يفكر فيما سيحضره للأخر .
حاول كلًا منهم أن يشتري شيئًا يحبه الأخر ، ولكن حتى يشترون هذه الهدايا يجب أن يعملوا بشكل إضافي حتى يتمكنوا من شراء الهدايا ، حاول الأب أن ينقل الأفراد بدلًا من البضائع حتى يوفر المال ، ولكن العربة الخشبية لم تتحمل ، أما الأم فحاولت صنع مزيدًا من الخبز لتبيعه ولكنها حين خرجت لتبيعه وقع على الأرض وتلوث .
أما الفتاة فقد حاولت أن تدهن أحد الحوانيت ، ولكنها لم تتمكن لأن الحائط مرتفع ، والصبي كذالك لم يتمكن من معاونة نجار المدينة ، أما عن الجد فقد حاول أن يعلم الصغار القراءة مقابل المال ولكن نظره كان ضعيفًا فلم يستطع أن يفعل شيء .
اجتمعت الأسرة صباح العيد وأحضر كلأ منهم هدية للآخر ، تعجب الجميع فقد كانت الظروف المادية صعبة ، ولكن على الرغم من ذلك تمكنوا من إهداء بعضهم البعض ، أحضرت الأم قماش للرسم لترسم عليها الفتاة ، والفتاة أحضرت حزام للأدوات لأخيها ، أما الصبي فقد أهدى جده نظارات للرؤية ، والجد كذالك أحضر للأب أخشاب ليرمم سيارته ، أما الزوج فقد أحضر للزوجة ماكينة لطحن الدقيق .
ولكن تفاجئوا أن الفتاة الصغيرة باعت الفرش والألوان لتشتري هدية أخيها ، وأن الأخ باع أدواته ليشتري النظارة لجده ، أما الجد فقد باع الكتب ليشتري للأب أخشاب يرمم بها العربة ، والأب باع العربية ليشتري بثمنها ماكينة طحن الدقيق ، وأخيرًا الأم باعت الفرن حتى تؤمن ثمن القماش للفتاة .
ضحكت الأسرة كلها ، فعلى الرغم من توافر الهدايا إلا أنهم لا يستطيعوا استخدامها ، جلست الأسرة لتناول الإفطار ، وأثناء جلوسهم طرق الباب ، وكان زائرًا غريبًا يطلب طعام لحماره ، لم تبخل الأسرة رغم فقرها ، وحين دخل الرجل إلى المنزل رأى أحد لوحات الفتاة وأحدى التحف الخزفية التي رسمتها بنفسها .
أعجب الزائر بالتحفة الخزفية وعرض أن يشتريها ، وافقت الفتاة على الفور ، وبعد يومين عاد الزائر إلى الأسرة وأخبرهم بأنه تاجر للتحف الخزفية وطلب من الأسرة أن تعمل معه باستمرار .
منذ ذلك اليوم بدأت الأسرة كلها تعمل مع التاجر فقد كان الصبي يحضر الطين ، وتقوم الأم بتصنيعه وترسم عليه الفتاة ، وينقله الأب و يقوم الجد بالحسابات الخاصة بالعمل ، ازدهرت أحوال الأسرة وعاشوا في سعادة وحافظوا على عادة إهداء بعضهم في العيد في كل عام ، وحرصت الأسرة أن تقدم المساعدة والعون والهدايا للأسر الأخرى أيضًا حتى تشجعهم على العمل و العطاء .