فى يوم من الأيام ، من أيام الشتاء البارد ، كان جحا جالس فى قصر الملك ، فقال الملك لجحا مداعبا اياه ، هل تستطيع يا جحا أن تجلس خارج القصر فى العراء ، وفى ليلة من ليالي الشتاء الباردة وأنت عارى الصدر .
فرد عليه جحا بمنتهى الشجاعة والتحدي أن باستطاعته أن يفعل ذلك ، بل وزاد فى التحدي ، أن ترك أيضا للملك تحديد الليله التي يريد أن يقضيها جحا فى العراء ، فاندهش الملك وقال لجحا إذا فعلت ذلك يا جحا سوف يكون لك مكافأة كبيره ، وسوف أعطيك ألفا من الدنانير الذهبية فى المقابل .
التحدى :
واختار الملك ليلة من ليالي الشتاء شديدة البرودة ، فأمر الملك حراسه أن يصعدوا مع جحا لقمة الجبل ، ويجردونه من الملابس ، ويظلوا بالقرب منه طوال الليل ، يراقبونه حتى لا يشعل نارًا تدفئه .
وبالفعل قام الحراس بلبس ملابسهم الشتوية الثقيلة التي تحميهم من البرد القارص ، وقاموا بالصعود مع جحا إلى قمة الجبل ، وجردوه من ملابسه وجلسوا بعيدًا عنه قليلًا يراقبونه كما أمر الملك .
وقضي جحا ليلته وهو متيقظ من شدة البرد حتى أنه كاد الدم يتجمد فى عروقه ، وفي اليوم التالي ، قام الحراس باصطحاب حجا من أعلى قمة الجبل ونزلوا به الى قصر الملك ، وقد كان جحا سليمًا تمامًا ولم يمسسه سوء ، مما أثار دهشة الملك ، وظل يحكي جحا عن ليلته التي قضاها فوق قمة الجبل والأهوال التى مر بها وحيدًا وفى البرد القارص .
خداع الملك :
وهنا سأله الملك هل رأيت أى نار مشتعلة فى أى مكان وأنت بقمة الجبل ، فرد عليه جحا نعم لقد رأيت ضوء ضعيف لمصباح يومض من بعيد جدًا ، من نافذة أحد بيوت القرية التي على سفح الجبل .
وهنا رد عليه الملك أى أنك استدفأت بضوء ذلك المصباح وخسرت هديتي إليك ، هنا اشتد غضب جحا ولاذ بالصمت ، ثم أخذ يفكر بحيله ليستعيد بها مكافأته التي وعده بها هذا الملك المخادع .
ذكاء جحا:
وبعد مرور أسابيع ذهب جحا إلى قصر الملك ، وقام بدعوته هو والحاشية ، إلى الغذاء عنده ، وأنه سيعد لهم مائدة شهية جدًا فى المروج بين الأزهار والأشجار ، بالفعل لبى الملك وحاشيته طلب جحا .
وذهبوا إلى منزله ، وكان قد خصص لهم جحا بالفعل مكان متميز بين الأشجار اليانعة ، وأخذ يلقي النكات والدعابات المضحكه عليهم ، حتى فات موعد الغذاء ، فشعر الملك بالجوع .
وكان جحا بين الحين والحين يترك الجالسين ويغيب برهة من الوقت ويعود مجددًا ، ولما اشتد الجوع بالملك سأل جحا أين الطعام ، فلقد اشتد بنا الجوع يا حجا ، فرد عليه جحا بأن الطعام لم ينضج بعد .
وأن ذلك ليس ذنبه وإنما ذنب النار ، فقام الملك من مجلسه وقال لحاشيته هيا بنا لكي نرى ما يصنع لنا جحا ، وبالفعل ذهبوا جميعا ليرو ماذا أعد لهم جحا من طعام ، فرأوا أن جحا وضع عدة قدور بها طعام وعلقها بأعلى شجره والنار أشعلها فى الأرض ، بحيث لا تصل النار إلى القدور بل يصعد للقدور دخان النار فقط .
هنا غضب الملك وقال ما هذا يا جحا أنت تسخر منا ، فرد عليه جحا أن في تلك الليله التي قضاها فى أعلى الجبل رأى ضوء مصباح خافت يضوي من بعيد جدًا ، من أحد نوافذ بيوت القرية ، فحكمت عليّ يا مولاي آنذاك بأنني استدفأت به ، فكيف لم ينضج الطعام وليس بينه وبين النار إلا عدة أمتار بسيطة فقط .
هنا ضحك الملك من ذكاء جحا وزال غضبه ، ثم أمر بإعطائه مكافأته التي وعده بها وهي ألف دينار ذهبًا .