قصة لماذا البوص مجوفقصة لماذا البوص مجوف

قصة لماذا البوص مجوف حتى في عالم النباتات الذي يسوده السلام ، وقعت ذات يوم ثورة اجتماعية ،

ويروي أن الزعامة في هذا الحدث كانت لأعواد البوص المغرورة تلك ، بثت الريح ،

وكانت من الأدوات الرئيسية للعصيان الدعاية ، وفي غمضة عين ليس غير ، لم يكن هناك حديث عن شيء آخر في الأوساط النباتية ،

وتآخت الغابات العذراء مع الحدائق البلهاء ، في نضال مشترك في سبيل المساواة .

قصة لماذا البوص مجوف

نبذة عن المؤلف:
من روائع الأدب البرازيلي ، للأديبة جابرييلا ميسترال، ولدت جابرييلا في تشيلي في عام 1889م ،

من أشهر أدباء وشعراء أمريكا اللاتينية ، حصلت على جائزة نوبل للأداب عام 1945م ،

وقد كان أول كاتب أمريكي لاتيني يحصل على هذه الجائزة ، واسمها الحقيقي لوثيلا جودوى دى ألكاياجا ،

من أهم مؤلفاتها : ديوانها الأسى عام 1922م ويعتقد الكثيرون أنه يشتمل على أجمل أشعارها ، توفيت جابرييلا عام 1957م .

قصة لماذا البوص مجوف

المساواة في ماذا ؟ في سمك جذوعها ، جودة ثمارها ، حقها في المياه النقية ؟.. لا لا بل المساواة في الارتفاع لا غير ،

وكان المثل الأعلى هو أن ترفع كافة النباتات رؤوسها بطريقة متماثلة ، فالذرة لم تفكر مطلقا،

في أن تجعل نفسها قوية كالسنديانة ، بل فقط في أن تهز شواشيها الكثيفة الشعر ، على نفس الارتفاع ،

ولم يكافح الورد كفاحًا شديدًا ، ليكون نافعا كنبات المطاط ،

بل رغب فقط في أن يصل إلى تلك القمة العالية ، وأن يجعل منها وسادة يهدهد عليها زهوره لتنام .

 

خالفت الطبيعة :


باطل .. باطل .. لقد رسمت أوهام العظمة ، وإن خالفت الطبيعة ، صورة كاريكاتورية لأهدافها ،

وعبثًا تكلمت بعض الزهور المتواضعة ، زهرة البنفسج الحيية وزهرة الزنبق الفطساء الأنف ، عن القانون الإلهي وشرور الغرور .

 

وقعت المعجزة :


وبدت أصواتها بلهاء ، شاعر عجوز ، له لحية كلحية إله النهر ، شجب المشروع باسم الجمال ،

وكانت لديه بضعة أشياء حكيمة يقولها عن التماثل ، الذي يمقته من كل النواحي ،

كيف انتهي كل ذلك ؟ يحكي الناس عن عوامل مؤثرة غريبة تفعل فعلها ،

هبت أرواح الأرض على النباتات بحيويتها المريعة ، وهكذا وقعت معجزة قبيحة ،

ذات ليلة ازداد ارتفاع عالم الحشائش والشجيرات دزينات من الأقدام ، كأنما طاعة لنداء عاجل جدا من النجوم .

 

عهد بساط العشب الأخضر المتواضع :


في اليوم التالي أفزع أهالي البلاد ، عندما خرجوا من أكواخهم ،

أن يجدوا البرسيم في ارتفاع كاتدرائية وحقول القمح تموج متوحشة بالسنابل الذهبية ! كان الأمر مثيرًا للغيظ ،

صرخت النباتات من الفزع ، ضائعة في ظلام مراعيها ، وزقزقت الطيور في يأس ،

ذلك أن أعشاشها ارتفعت إلى ارتفاعات لم يسمع بمثلها ،

كما لم يعد يمكنها أن تطير هابطة بحثًا عن الحب : كان قد مضى عهد التربة التي تستحم في الشمس ،

عهد بساط العشب الأخضر المتواضع .

 

بعد مر شهر :


تلكأ الرعاة طويلًا بقطعانهم بجوار المراعي المظلمة ، رفضت أغنامهم دخول أي شيء بمثل تلك الكثافة ،

خشية أن يتم ابتلاعها تمامًا ، في الوقت ذاته قهقهت أعواد البوص ، مزهوة بالانتصار ،

وأخذت تسوط بأوراقها الثائرة القمم الزرقاء لشجر الكافور … يقال أنه مر شهر على هذا الحال ،

ثم بدأ التدهور ، وقد حدث على هذا النحو ، أزهار البنفسج التي تبهج في الظل ،

جفت عندما تعرضت رؤوسها القرمزية لضوء الشمس الساطع ، هذا لايهم !

  سارعت إلى القول أعواد البوص .. أزهار البنفسج لا تساوي شيئا ، على الإطلاق .

 

ثوب الحداد :


لكن في بلد الأرواح لبسوا عليها ثوب الحداد ، أزهار الزنبق التي وصلت بارتفاعها إلى خمسين قدما ،

انفقلت ومثل رؤوس الملكات ، تبعثرت مقطوعة في كل جهة رؤوس بيضاء كالرخام ،

جادلت أعواد البوص كما فعلت من قبل ، لكن إلاهات الحسن ، أخذن يجرين هائجات في الغابة ، وهن يعولن !.

 

الذبول التدريجي :


فقدت أشجار الليمون وهي في ذلك الارتفاع كل زهراتها ، التي اكتسحتها الرياح العنيفة ،

وداعا للمحصول ! هذا لا يهم ، أكدت أعواد البوص مع ذلك من جديد ، كانت ثمارها أكثر مرارة مما ينبغي .. يبس البرسيم ،

وكانت سيقانه تتلوى مثل خيوط في نار ، وتدلت كيزان الذرة ، لكن لم يعد ذلك نتيجة الذبول التدريجي ،

ورغم ارتفاعها المسرف سقطت على الأرض ، ثقيلة كطيور السمان ،

البطاطس لتقوية سيقانها ، أثمرت درنات ضعيفة ، وكانت هذه الأخيرة أكبر قليلا من بذور التفاح .

 

الجوع والحزن سائدين في البلاد :


عندئذ لن تعد أعواد البوص تضحك : أخيرًا صارت جادة ،

لم يعد يتم تلقيح زهرات الشجيرات والأعشاب : الحشرات لم يكن بمستطاعها أن تصل إليها دون تسخين أجنحتها إلى درجة الخطر ،

علاوة على هذا قيل أن الإنسان كان لم يعد لديه لا خبز ولا فاكهة ، ولا علف لماشيته ، وكان الجوع والحزن سائدين في البلاد .

 

الكارثة النهائية :


في مثل تلك الأحوال ، بقيت الأشجار الطويلة وحدها سليمة ، وارتفعت جذوعها بقوة ،

كما كانت دائما : لم تستسلم للإغراء .. كانت أعواد البوص آخر ما سقط ،

وكان ذلك شاهدًا على الكارثة النهائية لنظرية مستوى ارتفاع الشجرة التي نادت بها ،

فالجذور تعفنت نتيجة الرطوبة الزائدة ، وحتى شبكة أوراق النبات لم يكن بمستطاعها ، أن تحول دون جفافها .

 

البوص مجوف :


حينئذ صار واضحا أن أعواد البوص ، بالمقارنة مع جسمها المصمت من قبل ، صارت مجوفة ،

كانت تمتد فراسخ إلى أعلى وهي جائعة ، لكنها لأن داخلها كان فارغا ، كانت تدعو إلى الضحك ، مثل عرائس أو دمي .

 

فلسفة أعواد البوص :


وفي مواجهة دليل كهذا ، لم يكن بمستطاع أحد أن يدافع عن فلسفة أعواد البوص ،

ولم يقل أحد عنها شيئا على مدى آلاف من السنين ، الطبيعة السخية دائما ،

أصلحت التلف في غضون الستة أشهر ، مقدرة أن كافة النباتات البرية سوف تنمو من جديد بالطريقة المعتادة .

 

وصمة العار:


الشاعر الذي له لحية كلحية إله النهر ، ظهر بعد طول غياب وتغني مبتهجًا ، بالعهد الجديد ،

فليكن الأمر كذلك ، أيها الأعزاء ، جميل البنفسج بفضل ضآلة حجمه ، وشجرة الليمون بفضل هيئتها اللطيفة ،

جميلة كافة الأشياء كما خلقها الرب : السنديانة المهيبة والشعير الهش ، أخرجت الأرض الثمر الجديد ،

وسمنت القطعان ، وتغذى الناس ، لكن أعواد البوص ، زعيمة التمرد تلك ، حملت على مر الزمان ، وصمة عارها : مجوفة ، مجوفة .

إقرأ المزيد من القصص على موقعنا

تابعونا على الفايسبوك

By Lars