قصة أعلى القمةقصة أعلى القمة

قصة أعلى القمة إن أي إنسان يفكر في البحث عن اعتزاز شخصيته ، ويبدع ليكسب مالًا كثيرًا ، فيبني أحدهم عمارة ،

ويتمنى آخر أن يكون كبيرًا وذا شأن في نظر المجتمع والبلاد ، ويحفر شخص آخر قرن الثور ، أو ينظم حزبًا جديدًا ،

ويكرس أحدهم حياته للكمال المعنوي ، أما الإنسان المتقي فيبحث عن العزة عن طريق الإيمان والدين .

نبذة عن المؤلف :
قصة من الأدب الأوزربكي  من تألف الأديب المعاصر خورشيد دوست محمد ،

ولد الكاتب عام 1951م في طشقند ، نشر له عدد من القصص القصيرة والطويلة ، منها النظرة ، والمأوى ، والاسجواب ،

والقتل الأوزبكي الصافي .. وكذلك نشرت له مجموعة قصصية أخرى بعنوان : بيت في آخر الفناء ،

يعمل في الوقت الحاضر رئيس هيئة التحرير في صحيفة الحرية ، ورئيس اللجنة في البرلمان الأوزبكستاني .

لاشك أن الصلاة معراج لكل مسلم وأن فريضة الصلاة أعلى مرتبة من الحج ،

لكني آمنت بأن عبادة الحج هي اختبار لا مثيل له في إظهار جوهر الإنسانية التي تكمن في باطن كل مسلم ، الحمد لله !

قصة أعلى القمة

حصلت على جائزة سفر الحج :
عندما أحرمت وبدأت أردد : لبيك اللهم لبيك .. كان الشك يملأ قلبي ،

وكنت أتساءل في نفسي : هل سيكون الحج من نصيبي ؟ ولايترك الشك والخوف قلبي ،

تذكرت وجهي والدي ووالدتي ، رحمهما الله ، عندما سمعت أنني حصلت على جائزة سفر الحج ،

كأحد الفائزين في المسابقة بين الأدباء والمبدعين ،

ياليت والدّي يريان أن هذه السعادة كانت من نصيب أصغر أبنائهما التسعة ، الذين بقوا بعدهما ! يا للأسف .

 

حقيقة عبادة الحج :


بدأت حديثي أن الحج عبادة لا مثيل لها ، ولكل عبادة جهتان باطنه وظاهرة ،

وكل ما سمعت وقرأت عن الحج قبل سفري كان عبارة عن معلومات وتصورات عن شعائر ظاهرة لهذه العبادة ،

وفي اللحظات التي أقلعت فيها طائرتنا إلى السماء بدأت أبحث عن حقيقة عبادة الحج ،

خصائصها المعنوية والباطنية والروحانية .. ما الحج ؟ وماذا يعطي الإنسان ؟

وبأي شيء يغتني قلب المسلم ؟ وهل يمكن أن يعي الكل قوته الروحانية ؟ وهل يغير الحج طبيعة الإنسان ؟

هذه الأسئلة وغيرها بدأت أبحث عن أجوبة لها لكوني شاهدًا مباشرًا .

 

التلال التاريخية :


ولم تغادر هذه الأسئلة خاطري ، ونتجول في شوارع مكة المكرمة والمدينة المنورة ،

ونتمشى في مخيمات منى ليلًا ، ونبحث عن الطريق إلى عرفة ، في بحار الناس الذين أضاعوا مسارهم تحت حر الشمس ،

ونتجه إلى المزدلفة ، لما وصلنا إلى عرفة لم نرتح ولم نتناول طعامًا ، وتشغل بالي تلك الأسئلة ،

وأشعر بأن قلبي لايرتاح كأنه يلقنني شيئًا ما ، ونحن نقف على التلال التاريخية التي حدثت فيها معركة أحد .

 

الهدوء والطمأنينة :


وعلى مقابر الصحابة السبعين المستشهدين ، وحتى فى الحالات الساحرة في المسجد النبوي ،

وآنذاك أقررت بأنه يمكن إيجاد الهدوء والطمأنينة غير المتكررة إلا في مكان واحد من الكرة الأرضية ،

وهو بيت الله المسجد الحرام في مكة المكرمة .

 

ابتسامة رضيع :


حين ندخل المسجد الحرام من باب الإسلام ، ونطوف بالكعبة المشرفة ، ونصلي ركعتين في مقام إبراهيم ،

وفي اللحظات التي نسهر فيها عند عتبة بيت الله ،

يكون اثنان وسبعون وعاء دمويا وسبعون ألف حجيرة في مقام السعادة الإلهية ،

وفي هذه اللحظات ينسى الهوى كله ، وتتحول الهموم والسرور الأرضية والمتاعب والمصاعب إلى ذرة لا قيمة لها ،

وتكون الدموع في عيون الإنسان السعيد شكرًا على وجوده في الدنيا ، وتصبح الروح صافية ،

وتظهر الابتسامة في وجهك مثل الرضيع ، ويتوقف خيالك عن التفكير ، وتنسي الأسئلة وتقف وجها لوجه أما البيت الحرام .

 

أعلى قمة :


راقبت من الطابق الثاني ، الطواف حول كعبة الله، والذي لا يتوقف عن الحركة ولو لحظة واحدة ،

ثم من الطابق الثالث فترة طويلة ، ثم نزلت إلى الفناء وغرقت في الطواف مرة ومرة أخرى ،

وحينئذ آمنت أن أعلى قمة في العالم ليست قمة إفيريست في جومولونغما ، بل هي عند عتبة بيت الله ،

وفي قلب مسلم يسجد عند عتبة كعبة الله ، هنا يبدو أي علو مادي ومعنوي منخفضًا جدًا .

 

علامات استجابة عبادة الحج :


وعلى كل إنسان  أن يستشعر هذه اللحظات ولو مرة واحدة في حياته ، وعليه أن يذوق سرور هذه اللحظات تنسي المشقة ،

وهي أخيرا علامة من علامات استجابة عبادة الحج .

 

نشتاق إلى كعبة الله :

قصة أعلى القمة
تأوه أحد الحجاج في طريقنا إلى مكة المكرمة ، بعد أن أقمنا في المدينة المنورة ،

ثلاثة أيام وهو يقول : اشتقت إلى كعبة الله !.. وارتعش جسمي : يعذبني ذلك الشعور والاضطرابات التي لا يمكن وصفها ،

أينما تذكرت ومتى تذكرت كعبة الله بعد مرور عدة سنوات على تلك الزيارة ،

نعم سنعود بعد خمسة أو ستة أيام إلى بلادنا ، وماذا نفعل عندما نشتاق إلى كعبة الله ،

ومن الطبيعي أن يشتاق قلبنا إلى عبادتنا في عتبتها ؟.. نصبر ونفتح أيدينا للدعاء ،

ندعو الله تعالى أن يقبل عبادة الحجاج ، وأن تكون هذه السعادة ، من نصيب إخواننا المسلمين الآخرين !

إقرأ المزيد من القصص على موقعنا

تابعونا على الفايسبوك

By Lars