قصة حلم دين آتشيسون أثناء تقاعده ، أنه قرأ في احدى صحف الجمهوريين ،
مقالاً جاء فيه : ان دين أتشيسون يقاسي ، كما يتوق أن يعرف ذو الآراء السديدة ،
ما هو عقاب جريمته العادل ، لم يغب عن بالنا جميعًا كيف أنه قرر بعد أن استجوبته لجنة الكونجرس ست ساعات متواصلة ،
أن حادثه عاديه مر عليها سبع سنوات قد وقعت في أحد أيام الثلاثاء .
لكن الأدلة الدامغة التي تبرهن على وقوعها يوم الأربعاء قدمت للكونجرس ،
فحوكم بتهمة الإدلاء بالشهادة الزور ، ونال جزاؤه كمذنب إذ صدر الحكم عليه بالسجن فترة طويلة ،
لكن بالرغم من ادانته ، لم يندم على ما ارتكب ،
بل راح يؤكد لمن سمح لهم بزيارته بأن السياسة التي انتهجت من بعده ستؤدي حتما إلى الدمار .
قصة حلم دين آتشيسون
نبذة عن المؤلف :
قصة من روائع الأدب الإنجليزي ، للكاتب بيرتراند آرثر ويليام راسل ، ولد في 18 مايو عام 1872م ،
في ويلز لأسرة ليبرالية أرستقراطية في بريطانيا ، وهو عالم رياضي وعالم منطق ومؤلف ومؤرخ وناقد اجتماعي بريطاني ،
حاز في عام 1950م ، على جائزة نوبل للأدب تقديراً لكتاباته المهمة التي يدافع فيها عن حرية الفكر والمثل الإنسانية .
قصة حلم دين آتشيسون
الحلم :
وما أن قرأ هذا المقال حتى تغير طابع حلمه ، ولاح له جانبًا من الحجاب الذي يخفي المستقبل قد انزاح ،
وانطلق صوت طيف خفي يعلن له بنبرات تنم عن الأسى والحزن ، أحداث المستقبل ،
قال الصوت : هذه هي أنشودة الموت لسانتور ، مينيلوس .س .بلوجز ،
وهو على وشك أن يلقي حتفه في حادث مروع بجزر فولكلاند .
تسجيل البطولة :
هناك من ينحني بالمؤامرة على رئيسنا الخالد ، بسمارك .أ.مكسافت ، لما حل ببلادي من نكبات ،
وكان لومهم ظلمًا وبهتانًا ، وأرى لازمًا عليّ قبل أن توافني المنية ،
أن أسجل البطولة التي ناضل بها هذا الرجل العظيم الهمام في سبيل الحق ،
ومع الملايين غيري يمننا وجوهنا شطر تلك الشواطئ المحايدة اعتقادا منا ، بناء على تقارير ادارة المصايد .
بأن منابع السمك في المناطق الجنوبية لا تنضب ، واأسفاه ،
لم نكن نعرف سوى النزر اليسير من أبناء العلوم ،
فما لبث أن استبان لنا أن الاشعاعات الذرية قد قضت على كل سمكة تعيش في نطاق ألف ميل ،
من هذا الأرخبيل الذي تلطمه العواصف ، والرياح العاتية ،
وما أن طارت الأنباء الأولى تعلن فناء تلك الأسماك حتى خاطرت شرذمة من الرجال المتهورين بتناول ما لم يمض على موته منها وقت طويل .
فضيحة لا يستحقها :
لكن واحسرتاه على هؤلاء الرجال ، فقد برهن ما تناولوه على أنه قاتل ،
ولفظوا أنفاسهم الأخيرة وهو يعانون آلامًا مبرحة ،
وإذ حرمنا من السمك سرعان ما التهمنا كل ما وقعت عليه أيدينا من أغنام وماشية قليلة في المراعي النادرة لتلك الشواطئ القطبية المالحة ،
ثم أخذنا نعيش على الطحالب كحيوان الرنة ،
بيد أن الطحالب للأسف ، لم يكن وفيرا وسرعان ما تلقي حتفها ،
في هذا الطرف من العالم ، تلك الفئة الضئيلة التي تعيش بين جدران السجن .
وماذا عن المهمة التي أتت من أجلها ، إني لأحس بواجب نحو الأجيال القديمة ،
ان وجدت وسوف يسيء اليّ ذلك الرجل العظيم الخير أولئك الأعداء الذين أطاحوا به ،
ولسوف يدخل ما يسمونه هؤلاء الأوغاد تاريخًا بفضيحة لا يستحقها لكني عثرت على علبة لا تتأثر بالأشعة الذرية ،
سوف أودعها هذا السجل يحدوني الأمل ،
في أن يكتشفها علماء الآثار في أحد العصور المستقبلية ، وينصفون ذلك الرجل العظيم الذي اندثر ولم يعد له وجود .
مصير بلادنا العظيمة :
لم يغب عن بالنا ، نحن الذين نعيش في هذه الجزر ، ولا تزال قلوبنا تخفق مع الذكرى ،
تلك الغبطة التي ملأت نفوس المواطنين ذوي الآراء السديدة عندما اتضح في شهر نوفمبر من عام 1956م ،
أن مصير بلادنا العظيمة قد انتزع من أيدي أنصار تورمان واتشيسون الواهنة ، ومن أتباع أيزنهاور الذين لا يقلون عنهم ضعفًا ،
والذين لم يكونوا سوى أدوات يحركها الكرملين كيفما شاء ،
ثم أوكل في مدة تقل عن سنوات أربع حاسمة لوطنية ، بسمارك . أ. مكسافت ، الصادقة .
وما أن أصبح رئيسًا للجمهورية ،
حتى يعمل بذلك الحماس الصادق المتأجج ، الذي تميط اللثام عنه خطبة القوية المترابطة ،
لم تعد دول أوروبا الغربية الجبانة تفرض قيودا ، على جهاد أميركا وحماسها في سبيل الحق .
ولم يعد يسمع للخونة والشيوعيين المتخفين أن يزعموا بأن ليشانج كاي شيك مساوئه ،
وأن الصينيين يمقتونه ، ولقد أرسل جيش عرمرم ليوليه السلطة في بكين ،
فتظاهر الشيوعيين الصينيون بما كان ينتظر منهم من ضعف وخوار عزيمة ،
وراحوا يتجنبون المعارك وجها لوجه ويجرون أبناءنا الشجعان رويدًا رويدًا إلى قلب الجبال المقفرة ،
ويحملوننا على تشتيت قواتنا في مناطق واسعة ، دفاعًا عن المدن ،
والسكك الحديدية والطرق المتشعبة ، وفرضنا سيطرتنا الكاملة ، كما كان يبدو ،
على شرقي الصين ، بينما ظل الجزء الغربي بعيدا عن متناول أيدينا ،
وتورطت قواتنا في القتال شيئًا فشيئَا ، واستخدمت قنابلنا الذرية ، دون جدوى ،
في مناطق غير آهلة بالسكان ، بينما انقسمت جيوش العدو إلى عصابات متنقلة .
الروس وأوروبا الغربية :
وآنذاك أوقع الروس كما كان متوقعا ، بدول أوروبا الغربية البائسة ما حطمته رغبتهم الحقيرة في الحفاظ على النفس ،
واحتل الروس ، دون مقاومة تذكر ، الرور واللورين شمال فرنسا ،
وسمح لذوي المهارات الفنية بالعمل كعبيد سخرة في المنطقة ،
وأرسل ما دونهم لقطع الأخشاب في غابات أركانجل أو استخراج الذهب من مناجم شمال شرقي سيبيريا ،
وانطلقت الغواصات الروسية تضايق تنقلات القوات الأميركية في الصين حتى بلغت مصاعبها في النهاية حدا تقرر معه استدعاؤها الى أرض الوطن .
استمرار الحلم :
في هذه الأثناء اعتنقت أميركيا اللاتينية ، من ريوجراندي ، إلى كيب هورن ، المبادئ الشيوعية ،
كما انضوت تحت لواء موسكو آسيا بأسرها ما خلا المناطق التي كانت القوات الأميركية تحتلها فعلاً ،
وبفضل ما قام به دكتور مالان من نشاط تحول الأفريقيون إلى الشيوعية ،
وابان الهجوم الذي شنته القوات الروسية على أوروبا الغربية قطعت رأس كل رجل أبيض في افريقيا ،
من كيب بون الى رأس الرجاء الصالح .
وبعد أن احتل الروس جنوب افريقيا رحت الطائرات الضخمة تنقل القوات والذخيرة الى أمريكا اللاتينية ،
واستطاعت الدعايات الواسعة النطاق أن تحمل سكان بيرو وبوليفيا
والبرازيل إلى الاعتقاد بأن روسيا هي ناصرة الرجل الأحمر في نضاله ضد تعسف الأبيض واستبداده .
وانطلقت أفواج كبيرة من الرجال الحمر قام الكرملين بتنظيمها وتسليحها ،
تدفعها المذابح الرهيبة ، تقدم عبر المكسيك لتقضي على فلول الجيش العائدة من الصين ،
الجيش الذي ثبطت الهزيمة عزيمته ، وأنهكت الملاريا قواه ولم يكن ، وان كنت اعترف بذلك في خجل .
لما رأيت أن كل شيء قد ولى أبحرت مع كثيرين غيري فوق ظهر سفينة ،
كانت تقف على أهبة الاستعداد في نهر بوتوماك ، آه يا للعار ، لقد امتد أجلى لأشاهد المطرقة ،
والمنجل بخفقات فوق مجلس النواب الأميركي ،
ولولا يد العناية الإلهية الرحيمة التي أخفتنا في سحابة مرت فجأة فلذنا بالفرار ، لأغرقت المدافع الروسية سفينتنا الصغيرة .
كلمات رئيس الجمهورية :
ان بيننا من يقول ان هذه الأحداث المؤسفة ، ان دلت على شيء فإنما تدل على قصور سياسة رئيسنا العظيم ،
لكن أولئك الرجال لا يفقهون في الأمور الأخلاقية شيئا ،
فمن الأفضل كثيرًا أن نقاتل في سبيل الحق ونموت أبطالا من أن ننغمس ،
في اعتبارات سياسية وضعية ، من شأنها أن تنقذ أجسادنا ، لكنها تطيح بنفوسنا ، لم يعد للولايات المتحدة ،
من الناحية الأخلاقية ، أبد الدهر منارا هادئا وضوءا ساطعا نقشت فوق لوائه الخالد الكلمات الرائعة ،
لآخر وأنبل رئيس لجمهوريتنا : سوف نقاتل في سبيل العدل والحق
وان سقطت السماوات على الأرض ونناضل من أجل الحرية ، وان أدى ذلك إلى سجن تسعة أعشار شعبنا .
نهاية الحلم :
وقد بلغ تأثر دين أنشيسون بهذه القصة الغريبة القاتمة حدا تعذر معه تصديق أنه لمحة حقيقية عن المستقبل ،
وعلى أساس هذا الاعتقاد أفضى برؤيا ، سيناتور بلوجز ،
إلى محاميه الذي استغلها في تأييد الاستئناف الذي يطالب فيه بإعادة النظر في الحكم بحجة وجود اختلال في العقل ،
وهتف دين أنشيسون : ولكنني لست معتوها وبهذه الصيحة استيقظ من سباته .
إقرأ المزيد من القصص على موقعنا