قصة عيدية المتسولقصة عيدية المتسول

قصة عيدية المتسول دعونا قبل أن ينقضي شهر كانون الثاني ،

نذكّر بميزة إضافية ليوم رأس السنة في باريس ، ففي الأول من كانون الثاني ،

تشهد مساكن باريس البائسة تهندماً وتأنقاً ،

المتسولون يرتدون أجمل أسمالهم ويزدانون بأبهى ملابسهم الممزقة ليخرجوا ويقدموا للمارة أفضل الأمنيات ،

من قعر بؤسهم ويطلبوا منهم عيدياتهم ، مادين أيديهم ووجوههم قلقة ومداهنة .

قصة عيدية المتسول

نبذة عن المؤلف :
رواية من روائع الأدب الفرنسي ، للمؤلف إميل فرانسوا زولا ، ولد في باريس في فرنسا 2 ابريل عام 1840م ،

فهو كاتب فرنسي مؤثر في المدرسة الأدبية التي تتبع الطبعانية ،

  ومن أشهر أعماله غموض مارسليا ، مادلين ، الكرثة ، الحقيقة ،

توفي إميل زولا ، عن عمر 62 عاماً ،  في 29 سبتيمبر عام 1902م .

قصة عيدية المتسول


في هذا النهار يكون التسول مقبولًا ، ويسمح ببمارسته في وضح النهار ،

دون تنكر في شتى أشكال حرف الشارع وأصنافها التي لا تحصى ،

لاعب الأرغن  يترك في منزله الصندوق الثقيل الذي حمله على مدى اثني عشر شهراً ،

وبوسع بائعي الثقاب والرباطات والأغاني الاستراحة دون أن يجددوا بضائعهم ،

الطرقات العامة تخلوا من المارة ، والشرطيون يغضون الطرف ، تمتد الأيدي بلا مواربة ، سواء لتعطي أو لتتلقى .

ذكريات العجوز :


في منزل أسود عالي السقف ، في قعر ما يشبه عليّة في الطابق الثامن ، تعيش عائلة بأكملها من المعدمين ،

الأب والأم وفتاة صغيرة في الثامنة ، الوالد عجوز طويل القامة ، هزيل ناتئ العظام ،

لحيته وشعره طويلان مشعثّان بلون أبيض كامد ، يستذكر متنّهدًا الأيام الخوالي السعيدة ،

حين كانت الشوارع ملكاً للفقراء ، فيستأثرون وحدهم بشمس الله وعطف البشر ،

الأم لم تعد تفكر ، تبدو وكأنها تعيش بفعل العادة ، وكأنها لا تشعر بالفرح ولا بالألم ، البرد والجوع قضيا على أفكارها وأحاسيسها .

الفتاة :


الفتاة هي شعاع النور في العليّة القاتمة ، في هذه الظلمة الرطبة ، حين يظهر رأسها الشاحب الأشقر أمام الجدار المسودّ ،

تشع ابتسامتها بأضواء الشمس ، عيناها الزرقاوات حيث تشعل اللامبالاة التماعات فرح مفاجئة ،

تضيئان زوايا المنزل البائس ، إنها لا تبكي في سنها إلا حين ترى الآخرين يبكون ، في الأول من كانون الثاني .

نهض الوالدان والطفلة منذ الساعة الخامسة ، قضوا وقتاً طويلاً وشاقاً ،

للاغتسال وارتداء ملابسهم ، ثم جلس الوالدان وشخصاً دون حراك في انتظار طلوع النهار ،

فيما الفتاة أكثر دلالاً وتأنقاً حاولت عبثاً لساعات طويلة أن تخفي ثقباً عريضاً يحتل جانباً كاملاً من تنورتها .

العيدية :


الطفلة سعيدة سوف تتلقى عيديتها ، بالأمس قال لها والدها : غداً سوف ترتدين أجمل ما لديك ،

وسنذهب في الشوارع لنتمنى الصحة والثروة للسعداء في العالم ،

الهانئون الطيبون وأرادوا لمرة في السنة أن نتمكن من طلب الاحسان بسلام النفوس العطوفة .

غداً تتلقى آنسات صغيرات جميلات لديهن الكثير من الأصدقاء لعباً كبيرة وسلالاً من السكاكر هدايا ،

أرادوا للأطفال المساكين مثلك الذين لا أصدقاء لديهن ، ألا تبقى رغم ذلك أيديهم فارغة ،

فمنحوهم صداقة جميع عابري السبيل ، إذ سمحوا لهم أن يمدوا أيديهم للجميع ، فلوس الصدقات ستكون سكاكرك وألعابك .

الشارع :


خرجت الفتاة إلى الشارع تسير بخطى خفيفة تعتريها لحظات خجل مفاجئة ، فتتوقف عند المفارق ،

عند مدخل الكنائس ، على الجسور ، تذهب أينما يذهب الحشد ، والدها ووالدتها يتبعانها برزانة ،

دون أن يستجديا شفقة الجموع لنفسيهما ، وكأنهما جاءا يزوران الحشد ويقدمان لهما ابنتهما .

تأثير الفتاة :


تستوقف الفتاة الشبان والشيوخ ، تختار الذين يحملون رزماً فتبادرهم قبل سواهم ،

وعيناها الزرقاوات يقولان لهم مترجيتين : أنتم الذين أنفقتم فرنكاً ذهبياً لإسعاد إحدى شقيقاتكم ، ألن تعطوني فلساً صغيراً زهيداً لعديتي ؟

كيف لا ينصت المارة للترجي الصامت في ابتسامتها ؟ تتساقط الفلوس النحاسية بغزارة في يدها ،

تلملم عيديتها فلساً هنا وهناك ، وتفرح حتى المساء بملذات هذا النهار الذي بدا في الصباح وكأنه لم يطلع من أجلها .

في المساء :


في ذلك المساء ينعم الفقراء بالنار والخبز ، عدّت الطفلة كنزها باعتزاز ،

أُعطي لها أن تظنّ لوهلة قصيرة ظن المدينة برمتها تحبها ، أجل في الأول من كانون الثاني ،

نكون نحن السعداء عرّابي المتسولات الصغيرات وأصدقائهن ، من واجبنا أن نجعلهن ينسين بؤسهن ، فنمنحهن الرحمة والمواساة .

النهاية :


أقول لكم ، في العام المقبل ، املئوا جيوبكم بكثير من المال ، اخرجوا في المدينة ووزعوا الهدايا على المساكين ،

سوف تعودون بكنز من النظرات الطيبة والكلام اللطيف ،

ستشعرون في قلوبكم بإيمان هؤلاء الأطفال الشاحبين الذين رسمتهم ابتسامة على شفاههم ،

وعند عودتكم ، سوف تقبلون بالمزيد من حنان الأطفال السعداء الذين يمدون أيديهم هم أيضا وبلا أي خجل ، لتلقي ألعاباً بخمسة وعشرين فرنكاً .

إقرأ المزيد من القصص على موقعنا

تابعونا على الفايسبوك

By Lars