قصة الموتى لا يكذبون من أنواع الأدب الحديث ، بدأ هذا النوع من الأدب في الظهور في القرن التاسع عشر ،
وازدهرت في بداية القرن العشرين ، حيث أنها كانت تتماشى مع روح ذلك العصر .
ويعتبر المؤلف جي.دي.موباسان، من الرواد في مجال كتابة القصة القصيرة كما أن له العديد من الروايات الطويلة ،
لكنه برع وتميز في مجال القصة القصيرة حيث أن القصة القصيرة تعتبر تصوير للحظة آنية.
قصة الموتى لا يكذبون
عن المؤلف :
ولد في فرنسا في مدينة نورماندي في عام 1850م تحت اسم هنري رينيه ألبير جي دي موباسان
لأب ينتمي لعائلة ارستقراطية ولكنه بات فقيرًا نظرًا لتصرفاته ، واشتهر فيما بعد بإسم جي.دي.موباسان .
وكانت والدته من العامة ولكنها كانت من المهتمين بالفنون والآداب وقد غرست فيه هذا الاهتمام ،
درس الحقوق ثم التحق بالجيش شرع في كتابة القصة القصيرة بعد أن تعرف على أحد الكتاب المشهورين في عصره جوستاف فلوبير .
الذي نصحه بالتدقيق والملاحظة الشديدة لما يدور في الواقع وقد أخذ موباسان بالنصيحة وعاش مهموما بالواقع من حوله ،
شغله دائما تصوير تأثير على الحرب على حياة الناس ، حتى توفي في باريس عام 1893م بعد أن أصيب بأزمة نفسية حادة .
قصة الموتى لا يكذبون
أحداث القصة:
عدت أمس إلى باريس إلى حجرتنا وما إن عدت إلى ذكرياتنا حتى كاد الحزن يقتلني ،
ماتت حبيبتي وانا لا أعرف كيف ماتت أصابها البرد والسعال ولازمت الفراش أسبوعًا كاملًا زارها الأطباء ، أعطوا الدواء ثم لا شيء انتهت ماتت .
حملت قبعتي واتجهت إلى الباب هربًا ، من تلك الحجرة الكئيبة سرت هائمًا على وجهي وأنا لا أدري أين أذهب
وفجأة وجدت نفسي هناك في مدينة الأموات ، تلك المدينة أصغر كثيرا من مدينة الأحياء بينما عدد سكانها أكثر بكثير .
وقفت أمام مقبرة حبيبتي هناك حيث نقشت تلك العبارة أحبت ، وأحبت ، وماتت ،
يا إلهي لا أطيق الحياة بدونها ، لقد بللت قبرها بدموعي لا أستطيع البقاء ،
ركضت هائمًا على وجهي وأنا لا أعلم أين أنا ، قبور وأشجار ضخمة موحشة حولي في كل مكان .
أخذت أتنقل بهدوء حتى لا أزعج سكان القبور ، تعبت فاستندت على أحد القبور لأستريح ،
فجأة شعرت أن لوح الرخام الذي استند عليه يتحرك ، ثم خرج منه ساكن القبر هيكل عظمي خرج من قبره ، وقفت أنظر مشدوها من هول الصدمة .
أخذ الميت ينظر إلى شاهد قبره وقد نقشت عليه هذه العبارة ، هنا يرقد جاك أوليفان ،
مات في الحادية والخمسين عمره ، وكان محبًا لأسرته عطوفًا ، نبيلًا ، كريما ، دمث الأخلاق ، وقد عاش ومات في رعاية ربه ونعمته .
تناول الميت قطعة من الصوان وأزال الكتابة وأستبدلها بهذه العبارة ، هنا يستريح جاك أوليفان ، فارق الحياة في الخمسين من عمره ، بعد أن قتل والده حتى يرث ثروته ، وعذب زوجته وقسا على أطفاله وخدع جيرانه ، ونهب كل ما استطاع نهبه ، ومات خزيان تعسًا.
نظرت حولي فإذا كل الموتى يخرجون من قبورهم ، ويمحون ما كتب على شواهدها من صفات ملائكية أضفاها عليهم أقاربهم ، الموتى جميعا يكتبون الحقائق التي تغافل عن ذكرها الجميع .
فجأة تذكرت شيئًا فذهبت مسرعًا إلى قبرها ،حبيبتي لعلها كتبت شيئا نظرت إلى قبرها وجدت هذه العبارة قد نقشت خرجت في ليلة ممطرة وخانت زوجها فأصابها البرد وماتت