كان ياما كان ، يا سعد يا إكرام ، يحكى أنه كان هناك أعرابيًا ، في زمن ، ليس ببعيد ، وقد حمل ذلك الأعرابي جرته ، ذات يوم من الأيام ، حتى يقوم بملء الجرة من مياه البحر ، القريبة من المكان ، الذي يعيش فيه ، سار الأعرابي في طريقه ، وبينما هو سائر ، إذ التقى ، وهو في طريقه إلى البحر ، بجماعة من أفصح الشعراء ، والذين كانوا بدورهم ، متوجهين معًا إلى دار خليفة البلاد ، في ذلك الوقت .

لما علم الأعرابي أن أولئك الشعراء متجهين إلى بيت الخليفة ، لم يتررد في مرافقهم ، واصطحبهم إلى بيت الخليفة ، وبالفعل ساروا في طريقهم ، حتى وصلوا إلى البيت المراد الوصول إليه ، فلما دخل معهم إلى الخليفة ، تعجب من وجوده بين أولئك الشعراء ، وسأله متعجبًا : ” ما حاجتك أيها الرجل ؟ ! ” .

نظر الأعرابي إلى الخليفة ، ورد عليه قائلًا : ” ولما رأيت القوم شدوا رحالهم . . إلى بحرك الطامي أتيت بجرتي ! ” ، فاندهش الخليفة من بلاغة الأعرابي ، وقال إلى خدمه على الفور : ” أيها الخدم ، املؤوا لهذا الأعرابي ، هذه الجرة التي بين يديه ذهبًا ” .

على الفور ، قال أحد الموجودين للأعرابي : ” كيف ذلك أيها الخليفة ؟ إن هذا الأعرابي لا يعرف حتى قيمة هذا العطاء ، الذي تمنحه إياه ، كما أن هذا الأعرابي قد يتلف هذه العطية من غير طائل يذكر ” ، فرد عليه الخليفة قائلًا : ” إنما هذه العطية ، هي أموال الأعرابي ، وليفعل فيها ما يشاء ، وله مطلق الحرية في التصرف فيها ” .

وبالفعل ، تم ملء جرة الأعرابي ، حتى آخرها ، من قبل خدم الخليفة ، بالذهب اللامع ، ذي المنظر البهي ، ففرح الأعرابي فرحًا شديدًا ، وامتلأ قلبه بالسعادة الغامرة ، ومن ثم قام على الفور ، بالخروج من الباب ، وأخذ يهرول ، في رجاء المدينة .

أخذ الأعرابي ، من فرط سعادته الغامرة ، يوزع ما معه من الأموال ، بلا أي حساب ، ظلت الأخبار تتناقل حول ذلك ، إلى أن وصل خبر توزيع الأموال من قبل الأعرابي ، إلى الخليفة ، فقام الخليفة على الفور باستدعاء الأعرابي ، وسأله قائلًا : ” ما السبب أيها الأعرابي فيما تفعله أيها الأعرابي ؟ إنك تسلك سلوكًا غريبًا للغاية ، فما السروراء ذلك ؟ ” .

أجاب الأعرابي على الخليفة قائلًا : ” يجود علينا الخيرون بمالهم . . ونحن بمال الخيرين نجود ” .

By Lars