فيما يلي نتناول بعض المقتطفات الطريفة ، التي تخص العرب ، وتبرز خفة ظلهم ، ونوادرهم ، التي طالما عرفوا بها ، وفراستهم ، وحكمتهم ، التي يتحاكى بها العالم أجمع .
من نوادر أشعب مع جعفر المنصور
في يوم من الأيام ، دخل أشعب على مجلس أمير المؤمنين ، وكان في ذلك الوقت هو أبو جعفر المنصور ، فوجد أشعب أن الأمير جعفر يتناول بعضًا من الفستق ، واللوز ، فما إن دخل أشعب ، ورآه الأمير ، ناوله حبة من اللوز ، فرد أشعب قائلًا : ” أيا أمير ، ثاني اثنين إذ هما في الغار معًا ” ، فقام الأمير بمناولته بحبة أخرى من اللوز .
فما إن فعل الأمير ذلك ، حتى أردف أشعب قائلًا : ” فعززنا بثالث ” ، فقام الأمير بمناولته الحبة الثالثة ، فأسرع أشعب قائلًا : ” فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ” ، فناوله الأمير الحبة الرابعة ، استأنف أشعب قائلًا : ” ويقولون خمسة سادسهم كلبهم ” ، فعلى الفور أعطاه الأمير الحبة السادسة ، والحبة السابعة .
واصل أشعب قائلًا : ” ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم ” ، فناوله أبو جعفر المنصور الحبة السابعة ، والحبة الثامنة ، فواصل قائلًا : ” وكان في المدينة تسعة رهط ” ، فناوله الأمير الحبة التاسعة ، فهم أشعب قائلًا : ” فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ” ، فناوله الأمير الحبة العاشرة .
واصل أشعب قائلًا : ” إني وجدت أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ” ، فناوله الأمير الحبة الحادية عشرة ، فرد أشعب قائلًا : ” أيا أمير المؤمنين ، هلا أعطيتني الطبق بالكامل ، وإلا قلت لك : ” وأرسلناه إلى مائه ألف أو يزيدون ” ، فضحك الأمير ، وناوله طبق المكسرات كله .
من طرائف العرب
حدث أن تخاصم رجل مع امرأته ، فذهبا معًا إلى إلى أمير في العراق ، ليحكم بينهما ، وكانت تلك المرأة ترتدي نقابًا بهيًا ، جميلًا ، ولكنها في الوقت نفسه ، كانت قبيحة الملامح ، على عكس ما يبدو خارج النقاب نهائيًا ، إلى جانب أنها كانت امرأة سليطة اللسان ، لا سيما على زوجها .
فلما سمع الأمير سبب الخصام ، وكان لم ير وجهها بعد ، قال في هدوء ، وكأنه مال إلى الشفقة بالزوجة ، التي تبدو حسنة الطلعة ، بهية المنظر .” ما شأنكم يا معشر الرجال ، تتزوجون المرأة الجميلة ، ثم تسيئون إليها ” ، فعلى الفور ، أسقط الزوج النقاب عن زوجته ، فما إن رأى الأمير وجه الزوجة ، ارتعد وجلًا ، ثم قال : ” لعنك الله يا رجل ، وجه ظالم ، وكلام مظلوم ! ” .
من طرائف الفزع مع أشعب
يحكى أن أشعب ، كان ممن تضرب بهم الأمثال ، في الطمع ، والحرص الشديد ، وعرف عنه أنه كان كثيرًا ما يتردد على جارية من جواري المدينة ، وكان يتودد إليها ، وذات مرة طلبت منه أن يقرضها من المال نصف درهم فقط ، فما كان منه إلا أن انقطع عن الجارية ، ولم يعد يذهب إليها .
وإذا حدث وصادفها في طريق ، سلك الآخر على الفور ، فقامت الجارية بدورها ، وأعدت له نشوقًا ، وهو بمثابة دواء ، يأخذ شكل المسحوق ، وذهبت به إليه ، فلما سألها عنه ، فكان ردها أنها صنته ليذهب عنه الفزع الذي ألم به ، فقال لها : ” عليك أنت باحتسائه ، حتى ينقطع طمعك ، فإن انقطع عنك الطمع ، انقطع عني الفزع .