في يوم من الأيام ، كان هناك أب يمارس عادته المفضلة إليه ، وكانت قراءة الجريدة ، استأنف الأب ، وبدأ يقرأ ، ويستكشف أخبار ، وعناوين الجريدة بانتباه شديد ، وعلى الجانب الآخر ، كان له ابن صغير في السن ، لم يكف أبدًا عن الإلحاح ، ومضايقة أبيه ، الأمر الذي أغضب الوالد للغاية ، وباءت جميع محاولاته بالفشل ، في إبعاد الولد عنه ، حتى يكمل تصفح جريدته بهدوء ، وتركيز .
فكر الأب قليلًا ، فوجد صفحة من صفحات الجريدة ، تتضمن خريطة توضيحية للعالم ، فما كان من الأب ، سوى أنه قام بتمزيق الصفحة ، وقطعها إلى قطع دقيقة ، وصغيرة للغاية ، وعلى الفور ، قام بتقديم الوريقات الصغيرة إلى ابنه ، وطلب منه أن يقوم بتجميع الأوراق الصغيرة ، حتى تصبح مكتملة ، وافق الابن على طلب الأب ، ففرح الأب فرحًا شديدًا ، وضحك بسخرية ، ظنًا منه أن ابنه سيظل طيلة اليوم منشغلًا بتجميع متفرقات الصفحة ، ليكون الخريطة بطريقة صحيحة .
أخذ الابن يتذكر معلمه في الفصل ، حيث كان دائمًا ينصحهم ، بأن يستغلوا أبسط الأشياء ، ليتمكنوا من حل الأشياء الصعبة عليهم ، فأخذ يفكر في حيلة ، تمكنه من تكوين الخريطة بشكل صحيح ، وبينما هو كذلك ، كان الأب يتصفح جريدته المفضلة باطمئنان ، وهدوء ، يظن أن الأمر سيدوم طويلًا على نفس الحال .
مرت ربع ساعة فقط ، وذهب الابن إلى أبيه ، يخبره بأنه أتم تجميع الخريطة بطريقة صحيحة ، ويمكنه الآن أن يلقي نظرة عليها ، فوجئ الأب بما قاله ابنه ، فلم يمر وقت يذكر ، يمكن صغيره من ترتيب الخريطة ، فكيف فعل ذلك في هذا الوقت القياسي ؟ ظن الأب أن ابنه يمكر ، ولم يستطع تجميع الخريطة على أمثل وجه ، ولكنه أتى بها مبعثرة ، وغير مرتبة ، لأنه ملَّ مثلًا من تجميعها ، ولكنه نظر إلى الخريطة ، فوجدها بالفعل مرتبة بشكل صحيح ، لا يعتريها أي خطأ .
تعجب الأب كثيرًا لذلك ، وسأل ابنه على الفور ، قائلًا : ” هل ساعدتك أمك على إعادة تجميع الخريطة يا بني ؟ ” رد الطفل على أبيه قائلًا : ” لا يا أبي ، أنا من قمت بتجميعها وحدي ، ولم يساعدني أي شخص على الإطلاق ” ، زاد تعجب الأب ، وأصبح في حيرة شديدة من أمر الطفل ، فهو لا زال صغير السن ، لم يتعلم في المدرسة إلا أساسيات مبدئية ، فكيف له أن يتمكن من إعادة خريطة ، وتكوينها كذلك ، بدون أي خطأ ؟
كرر الأب السؤال على ابنه ، وقال : ” يا بني ، قل لي الحقيقة ، كيف تمكنت من تكوين الخريطة على ذلك النحو الصحيح ؟ أخبرني من الذي ساعدك على إعادة ترتيبها ؟ ” ، رد الابن على أبيه ببراءة شديدة ، وقال : ” يا أبي ، لقد رأيت على ظهر كل ورقة للخريطة جزءًا صغيرًا مأخوذ من صورة وجه إنسان ، فما كان بي ، إلا أنني قلبت جميع الورق ، وكونت صورة وجه الإنسان مرة أخرى ، فتمكنت من تكوين الخريطة ، وخرجت معي بذلك الشكل ” .
ضحك الأب كثيرًا ، وتعجب من ذكاء ابنه ، وأخبره الصغير بما أخبرهم به معلمه في المدرسة ، فللمعلم دور لا ينسى ، رفع الله قدر معلمينا جميعًا .