يُحكى في زمن الدولة العباسية كان هناك تاجرًا دمشقيًا ثريًا جدًا وكان هذا التاجر لا يخسر أبدًا وهو في كل أعماله ناجحًا موفقًا فجلس مع أصدقائه وأخبرهم بذلك وهو واثق من نفسه وقال لهم أنا لا أخسر أبدًا مهما تاجرت في أي شيء فأنا دائمًا أربح .
فسخر أصدقائه منه فتحدى أصدقائه ففكر أصدقائه كيف يكسبون التحدي ويثبتون له أن كلامه خاطئ ثم اهتدوا إلى فكرة وقالوا إن من سابع المستحيلات أن تبيع التمر في العراق ولأنه متوافر مثل الرمال في الصحراء فإذا ربحت من تجارتك للتمر بأرض العراق تربح التحدي فوافق هذا التاجر على هذا التحدي وانطلق إلى عاصمة الخلافة العباسية .
وكان الخليفة الواثق بالله ذاهبًا في نزهة آنذاك للوصل ونظرًا لأنها تسمى بأم الربيعين حيث أن جوها في الصيف والشتاء ربيعًا وقد أضاعت ابنه الواثق بالله قلادتها فبكت واشتكت لوالدها ، فأغرى الواثق أمرًا يغري الجميع للبحث عن قلادتها فقد قال أن من يعثر على قلادة ابنته سوف أصرف له مكافأة كبيرة وسوف أزوجه من ابنتي فبدأ الناس يبحثون كالمجانين عن القلادة .
وفي هذا الوقت وصل التاجر الدمشقي لمشارف بغداد فوجد جماعة من القوم تبحث على أطراف بغداد فقال لهم ما خطبكم فحكى كبيرهم له القصة وقال لهم لقد نسينا أن نجلب الكثير من الزاد ونخشى أن نعود لجلب الزاد فيسبقنا أحدهم فيحصل على القلادة قبلنا فقال لهم التاجر أنا أبيع لكم التمر وباع لهم التمر الذي معي بأغلى الأسعار .
ثم رجع إلى مدينته وقال لأصحابه لقد فوزت في التحدي ووصل خبر التاجر الدمشقي للخليفة الواثق فتعجب كيف يبيع التمر في العراق ويربح وأمر بإحضار التاجر الدمشقي وسأله عن قصته فقال له كنت ولدًا فقيرًا يتيمًا وكانت أمي معاقة وكنت أعتني بها منذ الصغر وأمل وأكسب خبزته عيشي وعيشاها منذ أن كنت في الخامسة من عمري فلما بلغت العشرين وكانت أمي مشرفة على الموت فرفعت يدها داعيًا أن يوفقني الله وأن لا يرني الخسارة في ديني ودنياي أبدًا وأن يزوجني من بيت أكرم أهل العاصمة وأن يحول التراب في يدي ذهبًا وبحركة لا إرادية مسك حفنة من التراب وهو يتكلم وإذا به يشعر بشيء غريب في يده فمسكه بيده وإذا بها قلادة ذهبية وعرفتها بنت الواثق .
وهكذا من دعاء أمه كان هذا التاجر الدمشقي أول من صدر التمر للعراق وأصبح صهر الخليفة الواثق ..