تنتشر هذه الأسطورة بطرق مختلفة ، في دول جنوب أفريقيا تحديدًا ، فهي نابعة من ثقافتهم وبيئتهم ، وشكلت جزءً من وجدانهم وهويتهم ، وهذه تفاصيل الأسطورة.
تروي الأسطورة أنه ذات يوم كان يبحث المزارع مايبرو عن قطعة أرض مناسبة ، من أجل أن يحولها إلى حقل ، إذ رغب في زراعة الذرة والبطاطا ، واكتشف مايبرو موقعًا جميلاً يقع بالقرب من غابة كبيرة ، كانت تسكنها الجنيات ، وشرع في العمل لإعداد الحقل .
شحذ سكينه الكبير وبدأ بقطع الشجيرات ، فلم يكد يلمس واحدة منها ، حتى سمع صوتًا يقول له: من ذا الذي يقطع الشجيرات؟ ، ولكن مايبرو لم يستطع الرد ، نظرًا لذهوله الشديد بمجرد سماع هذا الصوت ، فأعيد عليه السؤال مرة أخرى ، وعندها أدرك المزارع مايبرو أن هذا الصوت لابد أن يكون لإحدى الجنيات ، فأجاب مايبرو متلعثمًا: أنا مايبرو ، جئت لكي أعد الحقل لزراعة الذرة والبطاطا ، ولحسن حظ مايبرو ، كانت الجنيات يتمتعن بحس الفكاهة ، فسمع واحدة منهن تقول : هيا بنا جميعًا نساعد المزارع مايبرو في قطع الشجيرات ، فوافقت الأخريات .
شعر مايبرو بالسعادة تغمره ، وذلك عندما رأى كل الشجيرات قد قطعت بسرعة ، وبأقل مجهود من طرفه ، فعاد إلى بيته مسرورًا جدًا بإنجاز يومه ، وقرر أن يحافظ على البستان سرًا يخفيه حتى عن زوجته .
في بداية يناير ، وعندما حان وقت حرق الشجيرات الجافة ، ذهب إلى الحقل ذات ظهيرة وهو يحمل ما يلزم لإشعال النار ، كان يأمل في أن تساعده الجنيات هذه المرة أيضًا ، فعمد إلى ضرب جذع إحدى الشجيرات ، وعلى الفور جاءه السؤال : من ذا الذي يضرب الجذوع ؟ ، فقال: أنا مايبرو وجئت لأحرق الشجيرات ، وبناء عليه أحرقت كافة الشجيرات الجافة ، وأصبح الحقل نظيفًا في وقت قياسي .
حدث الشيء ذاته في اليوم التالي ، إذ جاء مايبرو ليقطع جذوع الأشجار ، ويحولها إلى حطب ويجهز الحقل للحرث ، وفي وقت قصير جدًا كانت حزم الحطب جاهزة ، والحقل خاليًا تمامًا .
استمر الأمر على نفس المنوال ، ثم قسم الحقل إلى نصفين: نصف للذرة ونصف للبطاطا ، ساعدت الجنيات كثيرًا في جميع مراحل التحضير من حفر وبذر وغرس ، وفي غضون ذلك ، استطاع المزارع أن يحفظ خفايا حقله سرًا عن زوجته والجيران .
بدت المحاصيل واعدة جدًا ، إذ تم تحضير التربة بعناية كبيرة ، وكان مايبرو يزور المكان من وقت لآخر ، وهنأ نفسه على الحصاد الرائع الذي سيحصل عليه ، وذات يوم بينما كانت الذرة والبطاطا لا تزال خضراء فجّة ، جاءت زوجة مايبرو إليه ، وكانت ترغب في معرفة مكان حقله ، كي تذهب إلى هناك وتجلب بعض الحطب .
رفض مايبرو أن يخبر زوجته في باديء الأمر ، لكنها أصرت ونجحت في الحصول على المعلومات تحت شرط واحد ، وهو ألا تجيب أي سؤال يحتمل أن تسمعه يطرح عليها ، فوعدت بذلك وذهبت إلى الحقل .
حين وصلت إلى هناك ، أذهلتها وفرة الذرة والبطاطا ، إذا لم تر محاصيل بمثل هذه الروعة من قبل ، بدت الذرة مغرية وهي لا تزال غير ناضجة ، فهمّت بقطع كوز منها .
وبينما كانت تفعل ذلك سمعت صوتًا يقول : من ذا الذي يحاول قطع الذرة ؟ فردت بحنق : ومن يجرؤ أن يسألني هذا السؤال ؟ ، قالت هذا وقد نسيت أمر زوجها لها تمامًا ، ثم انتقلت إلى حقل البطاطا واقتلعت واحدة ، فسمعت صوتًا يسألها ثانية: من ذا الذي يقتلع حبات البطاطا ؟ فأجابت : إنها أنا زوجة مايبرو ، إنه حقل زوجي ولي الحق في أن آخذ منه ما أشاء .
عندئذ خرجت الجنيات وقلن معًا: هيا لنساعد زوجة مايبرو في قطف الذرة والبطاطا ، وقبل أن ترد المرأة المذعورة بكلمة واحدة ، كانت كل الذرة والبطاطا ملقاة على الأرض ، وفسد المحصول تمامًا لأن الزرع كان لايزال أخضرًا فجًا .
بكت الزوجة وعادت إلى المنزل وهي لا تدري ما تقول لزوجها ، عن تلك المصيبة الرهيبة ولكنها قررت الصمت ، وفي اليوم التالي ، انطلق مايبرو وهو مسرور إلى حقله ليرى كيف تسير الأمور ، ويمكننا تصور مدى غضب ويأس مايبرو ، عندما رأى حقله وقد أُتلف تمامًا ، ضاع كل عمله ومستقبله بسبب نسيان زوجته لوعدها .