تنتشر هذه الأسطورة القديمة في ربوع رومانيا ، وفيها الكثير من المعاني الصادقة ، فليست كل الأساطير مرعبة أو غريبة ، وإن غلب عليها بالطبع الخيال .
عاش في قديم الزمان ، إمبراطور حكم العالم بأسره ، وفي هذا العالم عاش راع وزوجته وبناته الثلاث ، آنا وستانا ولابيتزا ، فكانت آنا الابنة الكبرى فائقة الجمال ، حتى أن النعاج والخراف كانت تتوقف عن الرعي عند حضورها ، وكانت ستانا الوسطى ، وهي محبوبة ولطيفة حتى أن الذئاب التي كانت تحمي القطيع ، تقوم بحمايتها هي أيضًا ، وكانت لابيتزا الصغيرة في جمالها ، تعادل جمال أختيها مع بشرة صافية كالحليب .
وفي أحد أيام الصيف ، ذهبت الشقيقات الثلاث إلى بستان قريب لقطف ثمار الفراولة ، وسمعن أثناء قيامهن بالعمل ، وقع أقدام خيول تشير إلى قدوم بعض الخيالة ، كان الخيالة هم ابن الإمبراطور الوسيم ، وبرفقته صديقيه وكانوا جميعًا يتسمون بالوسامة والقوة ، وعندما رأوا الخيالة الأخوات الثلاث ، كبحوا جماح خيولهم وساروا ببطء ، وهنا قالت آنا يا فتيات إذا ما تزوجني أحد هؤلاء الشبان الثلاثة ، سوف أعد له رغيفًا من الخبز ، إن أكل منه لن يشيب أبدًا ، بينما قالت ستانا وأنا سأنسج لزوجي قميصًا ، يمكنه من الوقوف أمام التنانين ، والخوض في الماء دون أن يبتل .
بينما قالت الصغرى ، أما أنا فسوف أنجب لزوجي صبيين توأمين ، على جبهتيهما نجمتين ذهبيتين تلمعان كنجمة الصباح ، سمع الشبان الثلاثة وعود الفتيات ، فاقتربوا بخيولهم من الحسناوات ، واختار كل واحد منهم فتاة ليتزوجها ، ثم عادوا برفقتهن إلى القصر الملكي .
أقيمت الاحتفالات بالقصر وفي جميع أنحاء الإمبراطورية ، احتفالاً بزواج الأمراء الثلاثة ، وعقب مرور ثلاثة أيام ، تردد في أنحاء المملكة ، أن آنا قد صنعت لزوجها الرغيف الذي يبقيه شابًا طيلة حياته ، وعقب مرور ثلاثة أخرى تردد أن ساتانا ، صنعت لزوجها القميص الذي يقاوم الماء والنار ، أمام الأمير الثالث فقد ظهر عقب مرور أسبوع ، وقال أنه لن يتحرك من القصر سوى بعد أن يتلقى هبة الله له .
ظل الامبراطور داخل القصر إلى جوار زوجته ، منتظرًا وليي العهد أن يقدما ، وأثناء ذلك كان لزوجة أبيه الملك إبنة ، أرادت أن تزوجها له من أجل الحصول على لقب الملكة ، بدلاً من لابيتزا ابنة الراعي ، ولكن الإمبراطور رفض الأمر ، وقرر ألا يتزوج أو يخرج من القصر ، دون زوجته الحبيبة لابيتزا .
هنا قررت زوجة أبيه الملك أن تخطط شرًا ، فذهبت إلى إمبراطور مملكة مجاورة لهم ، وكان شقيقًا لها ، فأخبرته أن يغير على الإمبراطورية ، وبالفعل نجحت خطتها ، حيث علم الملك بأن هناك من يغير على مملكته ، فاضطر أن يترك زوجته رغمًا عنه ، ويذهب ليقاتل وسط جنوده دفاعًا عن إمبراطوريته ، ثم عاد ليرى ما حل بزوجته وطفليه .
كانت زوجة الأب الشريرة ، قد أخذت الطفلين ودفنتهما أسفل نافذة الإمبراطور ، ووضعت مكانهما جروين ، عندما رآهما الإمبراطور ظن أن لابيتزا قد خدعته ، فقام بدفنها حتى الصدر ، لتكون عبرة لمن يفكر في خداع الإمبراطور .
ثم زوجته زوجة أبيه من ابنتها كما أرادت ، وأقيم العرس ثلاثة أيام ، نمت خلالهم شجرتان ذهبيتان من موضع الطفلين ، ولاحظها الإمبراطور وطلب ألا يقطعها أحدهم ، ولكن زوجته الشريرة أرادت التخلص إلى الأبد منهما ، فعرضت على الإمبراطور أن تحول الشجرتين إلى سريرين ، فوافقها ولكن عندما نام هو على سريره شعر براحه غريبة ، بينما عاني التوءم من قلة راحته ، نظرًا لوجود روح شريرة تنام فوقه ، وهي لم ترتح له أبدًا .
قامت زوجة الإمبراطور الشريرة ، بنزع الفراشان وحرقهما وهي لا تدري أنهما قد صعدا على هيئة نجمتان في الأفق ، وانطلقا صوب الماء في هيئة سمكتين ، وكانت تظن أنها تخلصت منهما للأبد .
في اليوم التالي اصطادهما أحد الرجال ، ونظرًا لجمالهما أراد إهدائهما للإمبراطور ، ولكنهما رفضا وطلبا منه ، أن يتركهما فوق إحدى الأشجار في الندى ، وفي المساء يذهب لهما ، ففعل الرجل ليعود بالمساء ، ويجد أمامه شابين وسيمين ، أخبراه قصتهما وطلبوا منه أن يأخذهما إلى الملك ، ففعل ودخلوا جميعًا ، دون أن يكشف الشابان شعر يهما الأشقر والنجمة الذهبية في جبهتيهما ، وسألهما عن حكايتهما .
فروى له الشابان ما حدث لهما منذ أن ولدتهما أمهما ، وسرعان ما سقطت القبعات فظهر شعر يهما الذهبي والنجمة الذهبية ، وهنا قام الإمبراطور بتحويل زوجته إلى خادمة ، وقام بإعادة لابيتزا إلى العرش ، وربط زوجة أبيه بأحد الخيول ، حتى تكون عبرة لمن أراد الشر بغيره .