تُعد لوحة سلفاتور موندي Salvator Mundi واحدة من أبرز اللوحات التاريخية التي مرت بمراحل مختلفة ، نتيجة لإختفائها الغامض وظهورها غير المتوقع ، كما وردت بعض الخلافات بين المؤرخين حول هوية الشخص الذي رسمها ، ولكن جاءت الآراء ترجح أن الرسام الإيطالي الشهير ليوناردو دا فينشي Leonardo Da Vinci هو الذي رسم تلك اللوحة ما بين عامي 1506م و 1516م .
قصة رسم اللوحة ووصفها :
ذُكر أن ليوناردو دا فينشي قد رسم لوحة “سلفاتور موندي” من أجل الملك لويس الثاني عشر وقرينته آن بريتني Anne Brittany في فرنسا ، بتكليف من الملك بعد فترة وجيزة من فتح ميلان Milan وجنوة Genoa ، ويبلغ طول تلك اللوحة الزيتية 26 بوصة ، وهي تصور “المسيح” كمخلّص للعالم ، وقد صورّه ليوناردو كما ورد في إنجيل يوحنا الذي يقول أن الأب قد أرسل ابنه كمخلّص للعالم .
يظهر المسيح من خلال اللوحة بنصفه الأعلى فقط وهو ينظر بشكل ثابت إلى من يراه في وضعية سلفاتور موندي أي أنه مخلّص العالم وهو يرتدي لباسًا من عصر النهضة ، ويحمل في يده اليسرى كرة كريستالية يوجد صليب أعلاها ، وتبدو يده اليمنى كأنها تقدم البركة حيث أنها تظهر مرفوعة إلى أعلى بعض الشيء ، كما أنه رفع إصبعيه السبابة والوسطى في هذه اليد .
اختفاء اللوحة وظهورها :
حينما اختفت تلك اللوحة في إحدى الفترات الزمنية ؛ كان هناك اعتقاد سائد بأنها قد دُمرت وتم إتلافها ، حيث أنها قد اختفت منذ عام 1763م وحتى عام 1900م ؛ حينما اشتراها السير تشارلز روبنسون Sir Charles Robinson كعمل قام به بيرناردينو لويني Bernardino Luini وهو أحد أتباع ليوناردو ، ثم ظهرت فيما بعد في دار سوثبي Sotheby للمزادات في إنجلترا في عام 1958م ، وقد تم بيعها آنذاك بمبلغ 45 جنيه إسترليني أي ما يعادل نحو 125 دولار في ذلك الوقت .
اختفت لوحة سلفاتور موندي مرة أخرى ، حتى ظهرت مجددًا في دار مزادات صغيرة في الولايات المتحدة الأمريكية خلال عام 2005م ، حيث لم تحقق آنذاك سوى مبلغ عشرة آلاف دولار فقط ، وقد أصبحت تلك اللوحة ذات أهمية تاريخية كبيرة على الرغم من قول بعض الخبراء من فن عصر النهضة بأنها لا تنتمي إلى ليوناردو دا فينشي .
وقد تم إعادة اكتشاف تلك اللوحة في المعرض الوطني بلندن خلال عام 2011م ضمن معرض خاص بأعمال دافنشي ، حيث تم ترميمها لتظهر بشكلها الطبيعي وتستعيد رونقها الأصلي ، ثم تم عرضها في بلدان مختلفة فيما بعد مثل لندن وهونغ كونغ وسان فرانسيسكو ، ثم اتجهت إلى نيويورك ، حيث تم بيعها هناك في مزاد كريستيز Christies في نوفمبر من عام 2017م مقابل مبلغ 450.312.500 دولار ، وهو سعر قياسي جديد لتلك اللوحة التاريخية ، وقد كانت مدينة أبوظبي هي التي قامت بشرائها .
أغلى لوحة في العالم :
أصبحت لوحة سلفاتور موندي بهذا السعر أغلى لوحة في العالم ، وقد أصبحت ملكًا لهيئة الثقافة والسياحة بأبوظبي التي اقتنتها من أجل عرضها في معرض اللوفر الموجود بأبوظبي ، وذلك تقديرًا لقيمتها الفنية والتاريخية التي اكتسبتها على مر العصور والأزمنة ، حيث تنقلّت بين العديد من البلدان والأشخاص المهمين حول العالم ، كما أنها مرسومة بتقنية مميزة وفريدة أكسبتها قيمة تاريخية عالية .