في الميثولوجيا الإغريقية العديد من القصص مع الآلهة ، وكان جوبيتر هو سيد الآلهة والبشر ، وكان يحكم كملك على حصنهم الجبلي ، وهو جبل الأوليمبوس وكان من بين الآلهة بروميثيوس ، والذي يعني اسمه التفكير المستقبلي ، وله شقيق هو إبيمثيوس وهو يعني التفكير المتخلف أو المتأخر ، ومع تباين البشر في العصور المختلفة ، كان من بينهم مجموعة من البشر ، هم أضعف من بني جنسهم الذين سبقوهم .
فنظر إليهم بروميثيوس ورآهم فطلب من جوبيتر أن يمنحهم النار ، فيستطيعوا من خلالها ألا يخافوا البرد ، وبواسطتها يمكنهم أن يصنعوا لأنفسهم أسلحة وأدوات ، ولكن جوبيتر خشي أن يمنح البشر نعمة عظيمة مثل النار ، فرفض مطلب برومثيوس مما أحزنه ، فقرر برومثيوس ألا يقيم مع جوبيتر وأن يسكن مع البشر ، وانطلق إليهم يحمل في يده هدية من النار مخبأة في بوصة ، وبدأ يعلمهم كيفية استخداماتها في أمور حياتهم .
وهكذا عاش البشر في ترف ورغد من العيش والبذخ ، وكلما زاد ازدهارهم ورفاهيتهم ازداد غضب جوبيتر ، فاستقر به التفكير على خطة خبيثة ، يستطيع من خلالها أن يتغلب على بروميثيوس ، وبمساعدة ابنه فولكان أو هيفايستوس الإغريقي ، وبمساعدة الآلهة الآخرين قام جوبيتر بصنع امرأة فاتنة الجمال اسمها باندورا .
وهي كلمة إغريقية معناها جميع الهدايا ، ومنحها كل واحد من الآلهة نعمة من نعم الجمال ، ثم أرسلها جوبيتر إلى بروميثيوس ، وأرسل معها جرة كبيرة كالتي يخزن فيها الزيت ، وأحكم إقفال الجرة ، فاشتبه برميثيوس في وجود خدعة من جانب جوبيتر ، فرفض قبول المرأة والجرة ، فما كان من جوبيتر إلا أن أرسلها إلى إبيميثيوس ، الذي سبق أن حذره شقيقه بروميثيوس من أحابيل جوبيتر ، ولكنه ما أن رأى تلك المرأة ذات الجمال الفائق حتى غلب على أمره ، فقبلها زوجة له .
عندما سأل إبيمثيوس باندورا عما بالجرة ، قالت له: إنها جاءتني ولا أدري ما بها ، فقاما بكسر ختم الجرة معًا وفتحاها ، وعلى الفور طارت منها سحابة من الشرور ، بها جميع الأمراض والمصائب والهموم التي تصيب البشر ، وعبثًا حاولا إغلاقها مرة أخرى ، وإعادة الغطاء مكانه ، ولكن بعد فوات الأوان ، غير أن روحًا واحدة بقيت في الجرة هي الأمل .
بالطبع لم يقنع جوبيتر بنتيجة خطته ، لقد تأكد من إصابة البشر بأضرار وهموم كثيرة ، ولكن بروميثيوس مازال بغير عقاب ، فأمر عملاقين بأن يقبضا عليه ، كما أمر فولكان الذي أطاعه على مضض ، بأن يشد وثاق بروميثيوس إلى صخرة عاتية في جبال القوقاز ، ويترك بروميثيوس هناك حتى يأتي نسر ضخم ، فينهش بالنهار جزء من جسده ، وفي كل ليلة ينمو له ذلك الجزء فيغدو جسمه كاملاً كما كان .
قال له جوبيتر بلهجة الأمر: اخضع لي أطلق سراحك ، ولكن بروميثيوس لم يخضع قط لجوبيتر ، ولم يتنازل عن حبه للبشر وولائه لهم ، وزيادة على ذلك نظر إلى المستقبل ، فرأى أنه سيأتي إليه في يوم ما ، من يخلصه وسيكون ذلك المخلص من ذرية جوبيتر نفسه ، كما رأى أيضًا أن جوبيتر سيهزم في يوم أخر ، وأن الإله المنتصر وهو الإله الحقيقي سيثبت حاكمًا على الكون ، ولذا تحمل آلامه في صبر دون تملل .
وفي تلك الأثناء قرر جوبيتر أن يتخلص من البشر جميعًا بطوفان عظيم ، فحذر بروميثيوس إبنه ديوكاليون من مجيء هذا الطوفان ، فاختبأ الإبن مع زوجته بيرها فوق جبل بارناسوس ، فلما غمرت مياه الفيضانات المائجة الأرض وجميع سكانها ، نجا هذان الزوجان لأن جوبيتر أشفق عليهما على الأقل ، وتذكر حياتهما التي لا غبار عليها .
وعندما انحسرت المياه لجأ ديوكاليون وبيرها إلى معبد الآلهة ، حيث كلمهما صوت خفي غامص قائلاً : أعيدوا تعمير الأرض بالسكان من عظام أمكما ، ففسر ديوكاليون هذا القول بأنه يعني الحجارة ، فغطى هو وامرأته رأسيهما وأخذا يرميان الحجارة خلف ظهريهما وهما سائران ، وصارت الحجارة التي رماها ديوكاليون رجالاً ، والتي رمتها زوجته بيرها صارت نساء ، فكان هؤلاء تبعًا للأساطير القديمة ، أسلاف جميع سكان الأرض اليوم ، وصار دوكاليون ملكًا على أولئك القوم ، فعلمهم كثيرًا من الفنون النافعة .