على مر الأزمنة والعصور هناك العديد من الاكتشافات التي أثارت جدلًا واسعًا حول هويتها وكيفية فك رموزها التي قد تبدو معقدة ، وهو ما حدث بالضبط مع خريطة كوشنو التي تم اكتشافها في إسكتلندا والتي تم نحتها على حجر صخري كبير ، لتبدو ذات أشكال مميزة وكأنها لباطن القدم ومنها أشكال على هيئة أكواب ، حيث لم يتمكن العلماء من فك شفرتها المحيرة ، حتى باتت في نظرهم وكأنها خريطة كونية تتحدث عن الفضاء الخارجي .
اكتشاف خريطة كوشنو :
لقد تم اكتشاف خريطة كوشنو لأول مرة على يد الكاهن “جيمس هارفي” خلال عام 1887م ، ويوجد ذلك الحجر المنحوت عليه الخريطة في غرب مدينة “ديمبراتون” بإسكتلندا بالقرب من مزرعة معروفة باسم “كوشنو” ، ولذلك فإن تلك الخريطة أخذت هذا الاسم ، ويبلغ طول هذا الحجر 13 متر ؛ بينما وصل عرضه إلى 7.9 متر .
وجد العلماء كيف تم نحت الأشكال الموجودة على الحجر بحرفية شديدة واتقان ، وكأنها رسالة تشير إلى شيء ما ، وقد أكد العلماء أن هذا الحجر يعود إلى خمسة آلاف عام ، حيث يشيرون أنه تابع إلى العصر البرونزي ، وأصبحت هذه الخريطة واحدة من أهم الاكتشافات الأثرية في العالم بوجه عام وفي إسكتلندا بوجه خاص .
لم يتمكن العلماء من الوصول إلى فك شفرة تلك الخريطة ، غير أنهم أوضحوا فقط أنها تشرح الكواكب والمجرات الكونية والنجوم ، ومن أجل تمييز النقوش المنحوتة على الحجر قام البعض بوضع دهان أبيض فوق تلك النقوش ، مما غيرّ من شكلها بعض الشيء ، وقد سعى أحد العلماء إلى الحفاظ على ذلك الحجر من التخريب أو إضافة أي نقوش أخرى عليه ، حيث قام العالم “لودوفيتش ماكليلان مان” بدفنه إلى مسافة بلغت عدة أقدام تحت الأرض عن طريق استخدام التراب والطين خلال عام 1965م .
اكتشاف الخريطة مجددًا باستخدام التقنيات الحديثة :
أثارت خريطة كوشنو فضول العلماء في الآونة الأخيرة ، وهو ما جعل فريق من علماء الآثار بجامعة “غلاسكو” يقومون بإعادة التنقيب عن الحجر الذي يحمل خريطة كوشنو خلال عام 2015م ، من أجل دراستها من جديد باستخدام أحدث التقنيات الموجودة ، وقد كانوا يقومون بالحفر بكل دقة وحرص حتى لا يتسببوا في إتلاف ذلك الاكتشاف الأثري.
توصل العلماء إلى الحجر بالكامل بعد مرور عام من بداية الحفر ، حيث توصلوا إليه خلال عام 2016م ، وقد قاموا بدراسته عن طريق استخدام أجهزة الليزر الحديثة ، وتم التقاط الصور لذلك الحجر من زوايا عديدة ومختلفة ، كما تم رسم الخريطة باستخدام التقنية ذات الأبعاد الثلاثية على شاشة الحاسب الآلي ، في محاولة لفك شفرة تلك الخريطة ومحاولة فهمها .
نظريات حول خريطة كوشنو :
تعددت نظريات العلماء حول هوية تلك الخريطة ، وهل هي فعلًا خريطة أم أنها مجرد رموز تعبر عن حالة مجتمعية معينة في ذاك العصر البعيد ، ومن أهم تلك النظريات هي اتفاق بعض العلماء على أنها فعلًا خريطة تشرح المنطقة المحيطة بالحجر ؛ وأنها ليست خريطة كونية كما اعتقد البعض .
وقد خرج فريق آخر من العلماء بنظرية أخرى تقول أن النقوش الموجودة عل الحجر لا تعبر عن خريطة ، إنما هي مجرد رموز دينية كانت تعبر عن طقوس معينة في ذلك العصر ، في حين رأى البعض أن تلك النقوش هي نوع من أنواع الرسم التجريدي الذي يُنحت على الصخر ، وقد رأى فريق آخر أنه نوع من انواع التعبير البدائي للبشر في العصور القديمة ، وهناك بعض النظريات الأخرى التي لم تتوصل بشكل قطعي إلى فك شفرة ذلك الحجر ، إلا أنه يظل قطعة أثرية شديدة الأهمية والتميز في العالم .