خلال مسيرة كأس العالم التي تستمر لمدة شهر ، سيشجع المعجبون كل هدف ويئنون مع كل خطأ هجومي أو دفاعي ، الشيء الوحيد الذي يتشارك فيه معظم الناس خارج الملعب أنهم لن يستمتعوا بالنوم تلك الفترة ، لأن هذا الحدث هو أهم شيء بالنسبة للجميع  في مجال الرياضة ، وذلك لأن كرة القدم المعشوقة الأولى بالعالم ، والكرة التي يلعب بها اللاعبون بكاس العالم بروسيا هذا العام تُسمى كرة  تلستار 18 .

وقد أطلق عليها هذا الاسم كإشادة بأول بطولة رسمية لكأس العالم في المكسيك عام 1970م ، لأن كانت نفس الكرة تقريبًا وحملت نفس الاسم لكن الاسم له تاريخ أكثر بكثير من ذلك ، فهو تاريخ يعود لأكثر من 50 عامًا إلى قمر صناعي صغير غير شكل العالم كله ، ففي أواخر عام 1970م تم تكليف شركة الملابس الرياضية الألمانية  أديداس بهدف واحد ، وهو صنع كرة قدم يمكن رؤيتها بوضوح على شاشة التلفزيون .

وتلك هي إحدى النقاط المتفاخرة الرئيسية لمنظمي البطولة في تلك السنة ، خاصةً أنها ستكون أول مباراة يتم بثها مباشرة على شاشة التلفزيون في جميع أنحاء العالم ، وهي أول مباراة سيتم بثها بالألوان عند توفرها ، ومع وجود هذا الأمل الذي لا يزال بعيد المنال ، كان يجب عمل شيء لترقية تلك الكرات الحالية والتي عادة ما تكون بنيتها صلبة ، ويصعب جدًا رؤيتها حتى على أجهزة التلفزيون وحتى الأكثر تطورًا منها في تلك الأيام .

فقد كانت الكرات كلها ذات تصميم دائري وبلون واحد فقط ، ولكن خالفت أديداس تلك التقاليد باستخدام التصميم المكون من 32 مربع مبدئيًا من السداسيات البيضاء المتناوبة والخماسية السوداء ، حيث جعلت الألوان المتناقضة للضوء والألوان الداكنة من السهل على الكاميرات والمشجعين في المنزل تتبعها ، وبالفعل تمت المهمة وكان اقتباس هذا الشكل من القمر الصناعي تلستار حيث كان تصميم الكرة يحمل نفس الشكل الخاص بالقمر .

فلماذا اسمها تلستار؟ للإجابة على ذلك علينا أن ننتقل إلى سباق الفضاء ، بطبيعة الحال في 10 يوليو 1962م أطلقت وكالة ناسا وبالتعاون مع عمالقة البث الأمريكي ومكتب البريد البريطاني العام والبريد الوطني الفرنسي ومكتب التلغراف والاتصالات قمر تيلستار ، حيث سمح القمر الصناعي الكروي الذي يبلغ طوله ثلاثة أقدام ، والذي كان أبيض مع لوحات سوداء حول إطاره ، بإرسال المكالمات الهاتفية وصور الفاكس وحتى الإشارات التلفزيونية عبر المحيط ، وهو أمر كان مستحيلاً بالتكنولوجيا المتاحة سابقًا .

والآن ليس فقط يمكن للأشخاص الاتصال بأقاربهم عبر الأثير ، بل يمكنهم أيضًا مناقشة ما حدث في أحدث البرامج التلفزيونية اليومية التي تذاع عبر العالم ، لقد أصبح العالم فجأة مساحة أصغر بكثير ، وقد أرسل القمر الصناعي أول إشارة عبر المحيط الأطلسي في اليوم التالي لإطلاقه ، لكن تأثير تلستار الحقيقي ظهر بعد 13 يومًا في 23 يوليو 1962م عندما تم بث برنامج إخباري .

و من بين ما تم بثه أسطورة البث الأمريكي المذيع الشهير والتر كرونكايت حيث ظهر في غرفة معيشة أمريكية ، وتباينت نتائج البث التي ظهرت عبر القنوات المختلفة ، لكن البث استغرق 20 دقيقة وكان بشكل عام ناجحًا بشكل مثير ، و كان من المفترض أن يبدأ الرئيس جون كيندي بثه بخطاب .

ولكن تم الحصول على الإشارة قبل أن يكون جاهزًا ، لذلك كانت أولى الصور التي رأها المشاهدون عبارة عن لقطات لمباراة بيسبول بين فيلادلفيا فيليز وأشبال شيكاغو ، كما شملت الصور الأخرى من البث تمثال الحرية وبرج إيفل والمغني الفرنسي  ايف مونتاد .

وعلى الرغم من أن هذا القمر لا يزال يدور حول الأرض ، فلا يمكن للمرء أن يذهب إلى الفضاء لاسترداد النسخة الأصلية التي تم إيقافها واستبدالها في وقت لاحق من خلال شركة تلستار للأقمار الصناعية ، و منذ كأس العالم 1970م كان هذا أول بث مباشر لجميع أنحاء العالم ، وتسمية تصميم الكرة بهذا الاسم تم تيمنًا بهذه التكنولوجيا المستخدمة لبث التلفزيون عبر الأطلسي .

ظهرت الكرة  تلستار رسميًا ولأول مرة في اختبار تشغيلي خلال بطولة أوروبا عام  1968م، مما يجعل 2018 وبعد 50 عام هي الذكرى السنوية لظهورها ، وهكذا يعيش روح القمر الصناعي تلستار مع تصميم الكرة هذا العام ، ولكن الجديد أن بها شريحة اتصال ميدانية حيث تسمح الشريحة الموجودة بالكرة بقياس سرعة الكرة و منحنياتها أو دورانها .

ومع ذلك فهي تمثل خطوة رائدة في هذا العصر الرقمي لصالح منظمة الفيفا ، التي تحظى بتقدير كبير من الناحية التكنولوجية وتضع الأساس لتضمين هذه التقنية في كأس العالم في المستقبل ، ولكن مما لا شك فيه أن إضافة القليل من التكنولوجيا إلى كرة القدم يبدو بمثابة تكريم مناسب لاسم الكرة تلستار 18 .

By Lars