ننام جميعًا ويحلم بعضنا ، والبعض الآخر قد ينام ويستيقظ دون أحلام ، ولابد أننا قد سمعنا من بعض الأشخاص ، بأن أحلامهم تتحول إلى حقيقة ، أي أنهم يجدون ما رأوا في منامهم رأي العين ، عقب أن يستيقظوا خلال فترة زمنية قصيرة ، وهذا هو ما حدث مع بطل قصتنا إدوارد سامسون .
سامسون:
يعمل إدوارد سامسون صحفيًا ، بمجلة البوسطن جلوب في أمريكا ، وكان إدوارد من أشهر الأقلام في تلك الصحيفة ، وعدد قرائه كان يتجاوز الآلاف بفضل كتاباته ، وفي أحد الأيام جلس إدوارد يفكر كثيرًا في فكرة متميزة لإحدى مقالاته بالصحيفة ، وأثناء تفكيره وقع إدوارد في نوم عميق .
الحلم:
بالطبع رأى الكثيرون منا ما أسميناه كابوسًا ، ويعلم العديد أن تفاصيل الكابوس لا يمكن تذكرها بسهولة أو بالتفصيل ، ولكن ما حدث مع سامسون جعله يفكر مليًا فيما شاهده في نومه .
فقد شعر سامسون وكأنه يطير بجسده في الهواء ، ويرى أشياء كثر تحدث أسفل منه ، وكأنه إحدى الكاميرات التي تنقل لنا وقائع حدث ما ، فقد رأى نفسه أعلى جزيرة في المحيط الهندي ، وهذه الجزيرة تذخر بالكثير من السكان ، الذين يتجولون في شوارع جزيرتهم ، ويطهون طعامهم ويمارسون طقوس حياتهم اليومية في هدوء .
وفجأة لمح سامسون بركانًا ضخمًا ، ينفث حممه ولهيبه بشكل غير مستقر ، وفجأة انقلب الحال رأسًا على عقب وشاهد سامسون السكان ، ينظرون إلى الحمم الملتهبة التي تتساقط من فوهة البركان ، وتتجه بقسوة وسرعة نحوهم ، لتحيل الحياة على سطح الجزيرة تلك إلى جحيم ، وبالطبع امتدت آثار الانفجار إلى المرفأ لتشتعل السفن الراسية على شاطئ الجزيرة ، ومن استطاعت منها الهرب لحقت بها الأمواج المتلاطمة بشدة والنيران المشتعلة ، جراء الانفجار البركاني الذي حدث .
نهض سامسون من سباته العميق هذا ، متعرق بشدة ويلهث وكأنه كان يخوض أحد سباقات المارثون ، وهو يتذكر كل ما حدث تفصيلاً ومازال يسمع بأذنيه ، أصوات السكان وهم يركضون خوفًا وفزعًا ، ويشعر بلهيب الحمم البركانية تلفح وجهه .
قام سامسون بكتابة تفاصيل حلمه على ورقة لديه بالمكتب ، وعلقها بعنوان هام جدًا علّه يعود |إليها ، في أحد الأيام ويكتب من خلالها قصة خيالية ما ، وأطلق على الجزيرة اسم برالاب ، وعلق الورقة فوق مكتبه وانصرف مسرعًا .
حضر مدير التحرير إلى الصحيفة ، عقب انصراف سامسون ووجد الورقة معلقة ، فقرأ ما فيها من أحداث ، وظن أنه سبق صحفي للجريدة ، جاء به سامسون فقام على الفور بالذهاب إلى المطبعة ، لينال السبق الصحفي ، وسرعان ما انتشر الخبر وتداوله الجميع ، في حين بدأت الصحف المنافسة لهم ، بالتساؤل عن تلك الجزيرة غريبة الاسم ، وكيف علم الصحفي الذي كتب الخبر بما حدث ، وغيرها من التساؤلات .
عاد سامسون عقب عدة أيام انشغل فيها بأمور حياته ، ليجد ما حدث فذهب إلى رئيس التحرير وأوضح الأمر برفقة مدير التحرير ، وتم فصله من العمل وعقد مؤتمرًا للصحيفة ، اعتذر فيه مدير التحرير للقراء والصحف المنافسة ، وأوضح ما حدث من لبس في الأمر ، وانتهى الموضوع .
الحقيقة :
لم يمر أسبوعان على ما حدث ، حتى وصلت إلى الشواطئ سفينة شبه مدمرة ، وطاقمها في حالة من الرعب ، وبدؤا يروون قصة جزيرتهم التي اشتعلت فيها النيران ، إثر انفجار بركان ، ألقى بحممه الملتهبة على الجزيرة ، لتشتعل فيها النيران وتختفي تمامًا !
نعم الحلم تحول إلى حقيقة ، واختفى جزء كبير من جزيرة كراكاتوا التي تقع بإندونيسيا ، وهي جزيرة بركانية ، تدمرت فجأة إثر انفجار بركاني حدث عام 1883م ، وتسبب عقب الانفجار في حدوث موجات متصاعدة من التسونامي بعد ذلك ، وتسبب هذا الانفجار في وفاة أكثر من 35 ألف شخص ، وجرح عشرات الآلاف من سكان الجزيرة ، حيث اختفى أكثر من ثلثي الجزيرة جرّاء هذا الانفجار .
بمجرد أن علمت الصحف بأمر الجزيرة ، حتى بادر مدير تحرير صحيفة البوسطن جلوب ، بالتبجح وذكر أنهم كانوا أول من تنبأ بحدوث تلك الكارثة ، وتم إعادة سامسون إلى عمله ، وترقيته في الوظيفة! وبالبحث عن اسم الجزيرة الذي ذكره سامسون في مقالته ، عثر البعض على خرائط قديمة للغاية ، كانت تظهر فيها جزيرة كراكاتوا باسم برالاب ، الذي ذكره سامسون وكان هذا هو الاسم الذي أطلقه عليها السكان الأصليون للجزيرة ، لذلك لم يعرفه أحد في العصر الحديث .