هذا الاختراع العظيم الذي انتفع به العالم أجمع ، حيث كان نقلة كبيرة جدٍا في مجال الزراعة ، وقد عنى بأمر الحبوب التي تستهلك في صنع الخبز الغذاء الرئيس الأكثر شعبية في العالم أجمع ، فإن حبوب الحنطة يسهل إنباتها ، ولكن كان من الصعب الحصول على الكمية الكافية منها لإمداد الناس بحاجتهم .

وكانت الصعوبة أن كل الحبوب تنضج في الحقول في وقت واحد سواء كانت من القمح أو الشعير أم غيرهما ، فإذا ما نضجت بقيت لما يقرب من العشرة أيام قبل أن تبدأ في التساقط من سنابلها إلى الأرض ، وبذلك كان من الضروري قطع كل الحبوب في تلك الأيام العشرة ، ولكن الرجل الواحد لا يقطع بمنجلة إلا ما يقرب من زراعة الفدان الواحد .

ومعنى هذا أن كل رجل يعمل في مزرعة تنبت الحبوب لا يستطيع أن يحصد أكثر من زراعة خمسة أفدنة ، ثم يضيع ما يبقى من محصوله ، فإذا ما اقتطع حاجته للغذاء لم يبق إلا قليل جدًا للزراعة في العام التالي .

وهكذا كانت الحبوب قليلة دائمًا وكان الكثيرون يواجهون الجوع والحرمان ، وكانت هذه هي المشكلة التي واجهها سيروس ماك كروميك ، فهو كغيرة ممن يمتلكون الأرض ، كان أبوه يمتلك أربع مزارع كبيرة في فرجينيا مع مطحنين للغلال ، ومصنعين لنشر الأخشاب للحدادة .

وكان سيروس ماك شابًا قويًا طويل القامة ويعني كثيرًا بكيفية صنع الأشياء ، وفي سن الخامسة عشرة عمد إلى استحداث بعض الآلات كما أنه اخترع محراثًا جديدًا ، ولكن أهم ما اجتذب اهتمامه آلة الحصد للحبوب ، وكان بعض أصحاب الأراضي يستخدمون آلة صنعت في إنجلترا وكانت نتاجها طيبة ، وهي عبارة عن مجموعة من المقصات مثبتة في صف إلى قضيب ، فتقرض المقصات عيدان القمح ويشمها القضيب في تحركه مجيئًا وذهابًا .

ولكن الآلة كانت تحتاج إلى إصلاح من حين لأخر والمشكلة الأكبر من ذلك ، أن الآلة في سيرها تترك الحبوب ملقاة على الأرض وتتكدس فوق بعضها ، ومن ثم يضيع الكثير منها في أرض الحقل لتلتقطه الطيور أو الماشية ، كما أنها كانت بطيئة وتجرها الخيول .

وكانت آلة الحصاد التي صنعها ماك كورميك أشبه بعربة ذات عجلتين ، مع قضيب ثبتت به سكاكين مشحوذة قاطعة تتجه لأسفل على مقربة من إحدى العجلتين وقام بتثبيت القضيب الأمامي عدد من الأصابع المعدنية ولها أطراف حادة وبها ثقوب أو شقوق على جانبيها .

وبذلك صنع ماك كورميك آلة جديدة وعالج فيها كل المشكلات التي كانت في السابقة ، وكانت هذه الآلة بسيطة جدًا بالنسبة للمستخدمة اليوم ، ولكنها مكنت كل الفلاحين من أن يقوموا بقطع سنابل سبعة أفدنة في اليوم الواحد ، بدلًا من حصد أقل من فدان واحد على ما كان يحدث من قبل .

وقد تابع كروميك تحسين آلته وأضاف أجزاء جديدة لها ويعتبر قام بتصنيع آلة جديدة مكنت الفلاحين من حصد ستة عشر فدانًا في اليوم الواحد ، وبعد ذلك النجاح انتقل ماك كورميك إلى واشنطن وأقام بها مصنعًا لآلات الحصاد وسجل اختراعه هذا باسمه .

By Lars