رغم التطور الهائل الذي انتشر في معظم أنحاء العالم ، إلا أن آثار العديد من القبائل والحضارات القديمة ما زال متواجدًا بقوة على الساحة ، فهناك بعض القبائل التي تستمر حتى يومنا هذا في ممارسة بعض الطقوس التي تميزها ، في حين تطوّر البعض الآخر ، وأصبحت طقوسهم مجرد آثارًا وتقاليد وعادات ، يمكن الحكي عنها فقط ورؤية صورًا لها دون رؤيتها على أرض الواقع الآن ، ولعل أهم الطقوس التي مارستها بعض القبائل وظلت آثارها شاهدًا عليها ، هي طقوس الموتى المعلقون التي مارستها قبال الأنغو في غينيا الجديدة .
طقوس الجثث المعلقة :
هل يمكنك أن تتخيل الحياة في مكان عُلّقت به جثث الموتى في أقفاص فوق رأسك ؟ بالانتقال إلى غينيا الجديدة وتحديدًا في موروبي بابوا ، عاشت في الجبال والمناطق المرتفعة قبايل بدائية بعض الشيء تُدعى قبائل الأنغو .
وكان تعداد المنتمون لها غير مرتفع ، ويتمتعون ببنية جسدية عادية للغاية أي أنها ليست ضخمة كما ورد ببعض المصادر ، ولكنهم اشتهروا بأنهم أكثر القبائل البدائية شراسة يمكن لشخص أن يقابلها .
ومن المعروف أن هذا النوع من القبائل لهم عاداتهم وطقوسهم وممارساتهم الخاصة ، واشتهرت قبائل الأنغو بطقوس غريبة بعض الشيء في التعامل مع جثث الموتى ، فإذا كان لديك جثة سيتم التعامل معها كالتالي ؛ أولاً سوف يقوم المتخصصون بعملية التحنيط من إحداث فتحات أو ثقوب في باطن القدمين ، والركبة ، والكوعين ، وكفوف الأيدي.
ثانيًا ؛ كان يتم صناعة فتحة أو ثقب أكبر حجمًا ، ثم باستخدام أعواد البامبو الجافة يتم إخراج الأحشاء الداخلية من الجثة ، وعقب أن ينتهوا من تلك الخطوة يتم أخذ أحشاء الجثة وتُدهن بها أجساد أقارب الميت الأحياء ، وذلك ظنًا منهم بأن تلك الخطوة تمدهم بالقوة .
وعقب ذلك يتم خياطة فتحات الجسم بإحكام مثل الأعين والفم والأنف والأذنين وغيرها ، وذلك حتى لا يدخل الهواء إلى الجسد مرة أخرى بعد تفريغه من الأحشاء ، يلي ذلك نقل الجسد إلى أعلى شواية يتم صناعتها فوق حفرة نارية عميقة في باطن الأرض ، ويقلّب عليها الجسد كاملاً مثل الخراف والماعز وغيرها بنفس الطريقة ، حتى يبدأ الجسد في إنزال الدهون التي تسيل إلى الخارج عبر الفتحات التي تم صناعتها في الخطوة الأولى.
ثم يتم جمع الدهون الذائبة من الفتحات المصنوعة في جسد الميت ، ليُطهى به طعامًا خاصًا للقبيلة بأكملها حتى تنتهي الدهون تمامًا ، وذلك اعتقادًا منهم أيضًا أن تلك الخطوة تمد أجساد الأحياء بالقوة والتبرّك من الميت.
وتأتي الخطوة الأخيرة ، عقب جفاف الجسد تمامًا يتم تغطيته بالطمي وعددًا من المواد الحافظة الأخرى ، ثم يتم دهانه باللون الأحمر ووضعه داخل قفص معلّق بأعلى منطقة تطل على القرية ، ليظل معلقًا هناك إلى الأبد ، وذلك اعتقادًا من أبناء القبيلة بأن تلك الأجساد المعلقة بالهواء تمنع هجوم الأعداء عليهم ، وتقوم بحمايتهم ومراقبتهم ، وتُعد تلك الطقوس من أكثر الأمور رقيًا وشرفًا لأبناء القبيلة بأن تُعلّق أجسادهم بتلك الطريقة.
وكانت أهم الشخصيات التي تخضع لتلك الطقوس هم الزعماء والمحاربين ، والأثرياء سواء أكنوا من الرجال أم الأطفال أم النساء ، دون استثناء ويرمز اللون الأحمر على الجثث إلى الحياة والغضب .
وجدير بالذكر ، أن تلك الطريقة في التحنيط قد حفظت العديد من الجثث بالفعل فهناك جثثًا معلقة حتى الآن يبلغ عمرها حوالي 250 عامًا ، وبحلول عام 1975م ، منعت الكنيسة هذا التقليد تمامًا ، ولكن لم يتم إزالة الجثث عقب المنع ، بل أصبحت أحد المعالم السياحية المميزة لمنطقة بابوا بغينيا الجديدة.