ليس كل ما نعيشه مقنع ، هناك أشياء تحدث ولا نعرف لماذا ، فقط هي لغاية أو حكمة لا يعلمها إلا الله ، والحياة مليئة بالأعاجيب ، و الأسرار ، فخلق القرآن شيء عجيب ، ورحلة الإسراء شيء عجيب ، ونزول الوحي شيء عجيب ، ونجاة سيدنا إبراهيم من النار ، وسيدنا نوح من الغرق ، وسيدنا يونس من الحوت ، كلها أعاجيب .
ولكن الله ساقها لنا لكي نتدبر ، ونقنع بملكه ، وقدرته التي وسعت كل شيء ، ولعل في هذه القصة التي سأرويها لكم بعض الأعاجيب التي لا أدري لها سببًا ، ولكنها وقعت على أرض الواقع بولاية كنساس الأمريكية .
قصة الرجل الذي من أجله فعلت البصمة بالسجون
خلف قضبان سجن ليفينورث القابع بولاية كنساس الأمريكية ، وصلت مجموعة جديدة من السجناء ، لقضاء فترة عقوبتهم هناك ، وهذا هو الأمر الذي اعتاد عليه موظف السجن ماك ماكليري ، فالسجن متسع دائمًا للجميع .
هناك من يأتي ، وهناك من يرحل ، وكل يفعله هذا الموظف هو توثيق اسم السجين ، وتسجيله بسجلات السجن ، وإعطاءه رقم خاص يميزه ، ولأن نظام البصمة لم يكن متداولًا حينها ، كان يتم تمييز الأشخاص عن بعضهم بأخذ قياسات الجسم ومحيط الجمجمة ، وارتفاع الجبهة .
وكان تحل هذه القياسات محل البصمة ، على أساس أن كل جسم يختلف عن الأخر ، وبعد أخذ القياسات يتم تصوير السجين وإرساله إلى سيد ماكليري ؛ ليفتح له ملفًا خاص به ، وفي حادثة غريبة دخل أحد السجناء الجدد إلى غرفة ماكليري يدعى ويليام وست ، وكان شابًا من السود متهم بجريمة سرقة ، ولديه حكم لمدة 3 سنوات ، حينما رآه السيد ماكليري فغر فاه ، وأخذ يحملق فيه متيقنًا أنه قد رآه من قبل ، وسأله هل قضى عقوبة في هذا السجن من قبل ؟
فأخبره النزيل أنها أول مرة يأتي فيها ، ولكن السيد ماكليري كان متأكدًا أن ويليام وست هذا نزل في سجنه من فترة ، ولكي يقطع الشك باليقين ، نهض عن مكتبه ، واستدار ناحية الخزانة التي بالخلف ، وأخذ يقلب بعض الملفات ، ومن بينها أخرج ملفًا بعينه مكتوب عليه بخط واضح ويليام وست ، ثم فتحه فإذا بصورة النزيل السابق مطابقة تمامًا لصورة ويليام وست الذي يقف أمام السيد ماكليري .
وكان كل شيء بينهما متطابقًا نفس الصورة ، ونفس الاسم ، ونفس قياسات الجسم ، ولكن فقط شيء واحد الذي فرق بينهم ، فالنزيل السابق كان لديه حكمًا في جريمة قتل ، وهو بالفعل مسجون منذ عامين ، بينما النزيل الجديد لديه حكمه بالسرقة ، وقد أتى توا مع مجموعة السجناء الجدد.
صدفة عجيبة وغريبة ، كيف يعقل هذا ، أخذ ماكليري يفكر ويسأل السجين ، إذن له لك أخ توأم ، ولكن إجابات السجين جاءت كلها بالنفي ، ولشدة غرابة القضية أحالها السيد ماكليري إلى مدير السجن ، والذي قام على الفور باستدعاء النزيلين ، ووضعهما في مواجهة بعضهما ، فكان أمر لا يصدق.
لقد كانا من فرط التشابه كمن يقف أمام مرآته العاكسة لشخصه ، كل شيء متطابق الاسم ، الطول ، قسمات الوجه ، ورغم ذلك لم يكن بينهما أي معرفة سابقة ، ولا حتى صلة قرابة ، فقط هي الصدفة.
وتعتبر هذه القضية من أغرب القضايا التي حدثت بالسجون الأمريكية ، ولكن كان لحدوثها نفعًا كبيرًا ؛ فقد أثبتت للمشرعين احتمالية وجود بعض الأفراد المتشابهين في الشكل والقياسات ، ومن هنا بدأ العمل بنظام البصمة ، للتميز بين الأفراد ، وللعلم كان نظام البصمة حينها معروفًا على نطاق ضيق ، ولم يتم تداوله أو العمل به رسميًا إلا بعد هذه المصادفة العجيبة.