كثيرًا ما سمعنا عن حالات إعدام لأشخاص ارتكبوا الكثير من الجرائم ، وأرهقوا مضاجع ذويهم حسرة عليهم ، وبالطبع هناك من حُكم عليه بالإعدام ظلمًا وتم التنفيذ بالفعل ، ولكن هل كل من تم تنفيذ حكم الإعدام عليه قد مات ؟ ، يروي التاريخ لنا العديد من القصص لمن تم الحكم عليهم بالإعدام سواء أكانوا مذنبين أم أبرياء ، ولكن عقب التنفيذ لم يموتوا ، ومنهم من أعيد فيه التنفيذ ولم يمت أيضًا .
في الحقيقة لقد تكررت هذه الوقائع لأكثر من مرة ، حتى أنه في بعضها قد تم الرجوع مرة أخرى إلى المحكمة لاستصدار حكمًا آخر ، ولكن في كل مرة كان يصدر نفس الحكم ، ومن أقدم وأشهر المتهمين ممن حدثت معهم تلك الواقعة جون لي .
وهو من مواليد عام 1864م ، في بلدة صغيرة بانجلترا ، وكانت أخته قد ساعدته في الحصول على عمل في منزل السيدة إيما ، حيث كانت هي نفسها تعمل ، وهي سيدة عجوز وطيبة تعيش بقصر فاخر وحدها ، وكانت مهمات جون داخل هذا القصر هو الاهتمام بالحديقة واسطبلات الخيل ، ويظل يعمل به حتى بلغ من لعمر ستة عشر عامًا ، ثم ترك العمل والتحق بالأسطول الملكي تحديدًا بالبحرية ، وما أن مرت فترة قصيرة حتى تم فصله ، نظرًا لعدم الالتزام ، فترك العمل وعاد إلى بلدته مرة أخرى وبدأ في العمل خادمًا بعددٍ من الفنادق .
ولكنه كان دائمًا يتعرض للطرد في كل مرة ، نظرًا لسرقته الدائمة لأشياء النزلاء والأماكن التي يعمل بها نفسها ، وعقب انسداد كافة الطرق أمامه عاد مرة أخرى ليعمل مع أخته ، لدى السيدة إيما ، وقبلت السيدة أن يعود للعمل لديها كخادم وساقي ، إلا أنه لم يستطيع السيطرة على آفته في السرقة ، حيث ضبطته السيدة إيما متلبسًا بسرقتها وقطعت راتبه ، في عام 1884م بشهر نوفمبر ، كانت السيدة إيما تهبط على سلم القصر خاصتها وفوجئت بضربة شديدة وقاسية للغاية على رأسها من الخلف ، بعصا حديدية كانت تستخدم لتقليب الرماد داخل الموقد .
وكان تقليب الرماد إحدى مهام جون لي داخل القصر ، تلك الضربة التي أسقطتها أرضًا ولكنها لم تمت ، فحصلت السيدة إيما على العلاج اللازم وتحسنت حالتها كثيرًا ثم بدأت في حكي ما حدث معها ، وأشارت بشكلٍ أو بآخر بشكوكها نحوه ، ولكن دون أدلة على مصداقية حكيها ، وما حدث بعد ذلك أنها ماتت مذبوحة بسكين يستخدم لتقليم الأغصان في الحديقة ، وروى جيرانها أن جون لي أبلغهم بوفاة السيدة إيما .
وهنا أشارت كل أصابع الاتهام إليه وأنه هو من تسبب في كافة الأحداث التي وقعت داخل القصر ، وظل يقسم أنه بريء مما حدث ، وتم القبض عليه وحُكم عليه بالإعدام ، وفي يوم تنفيذ حكم الإعدام ، قال الحراس أنهم كانوا مندهشين من حالة الهدوء التام التي بدا بها جون لي ، حتى أنهم قد قالوا بأنه يوم تنفيذ الحكم قد تناول طعامًا بشهية ضخمة للغاية ، لا تتوافق مع شخص ذاهب لتنفيذ حكم الإعدام .
وعقب ذلك توجه إلى غرفة الإعدام وتم لف حبل المشنقة حول عنقه فظل هادئًا وثابتًا ، وكأن هناك أحدًا آخر غيره سوف يعدم ، وكانت منصة الإعدام عبارة عن عمود طويل يربط به حبل المشنقة ، وأسفله بوابة حديد تفتح ليسقط بها المتهم ، وعادة كان يموت المتهم فورًا ويترنح قليلاً حتى الوفاة ، وكان المسئول عن الإعدام يقول بأنه قد وضع الحبل حول عنق جون ، وقبل أن يمسك المقبض الخاص بالبوابة سمع جون يتحدث إلى أحد ما وقال : عليكم أن تبدؤا الآن ، وعندما أراد جذب المقبض لم يفتح الباب ، فاستدعوا أحد المختصين ووجد المقبض معلقًا ، فرفعوا جون مرة أخرى لتنفيذ الحكم ، وسمعه يقول ثانية : ابدؤوا مثلما بدأتم ، هنا جذب الحارس المقبض ولكنه لم يعمل !
هنا أنزلوه واستدعوا بعض الخبراء لفحص الباب ، وللغرابة أنه كان يعمل بشكلٍ جيد تمامًا ، وهنا كان القرار بإعدام جون للمرة الثالثة ، وكما حدث سابقًا علق الباب للمرة الرابعة! ، وظل جون واقفًا وهو مبتسم ويقول لهم لا تحاولوا فهم يحمونني ، الضابط المكلف بمراقبة تنفيذ الإعدام رفض أن يقف جون مرة أخرى على منصة الإعدام ، وأمر بإرساله مرة أخرى إلى زنزانته .
وطلب مقابلة مدير السجن ، الذي استمع إلى شهادة كل من حضر الواقعة ، وقام بتجريب المقبض ووجد البوابة تفتح بشكلٍ طبيعي ، فأمر بإيقاف تنفيذ الحكم مؤقتًا حتى تأتي المراجعة العليا ، وصدر الأمر بتخفيف حكم الإعدام إلى حكمًا مؤبدًا ، ومن وقتها اشتهر جون لي بأنه الرجل الذي لم يستطيعوا أن يشنقوه .